ضحايا العنف المنزلي

جائحة الظل

 المنزل, ليس امناً للجميع 

أضف أزمة صحية عامة أخرى إلى حصيلة فيروس كورونا الجديد: بيانات متراكمة تظهر أن العنف المنزلي ضد النساء يتصرف كعدوى انتهازية, يزدهر في ظل هذه الظروف التي صنعها الوباء. نتيجة للاستراتيجية القومية ضد كوفيد-19 التي تؤكد على أن المنزل هو أكثر مكان آمن يمكنك التواجد فيه, لسخرية القدر,المنزل هو أكثر مكان غير آمن الحجر فيه للنساء ضحايا العنف المنزلي, فهم مجبرين على العيش مع الجاني. اليوم, الأمم المتحدة تعترف بالعنف المنزلي ضد النساء بأنه “جائحة مستترة”.

ليلي من شرق الصين, تم تركها مع هيماتوما بعد أن تم الاعتداء عليها جسديا من قبل زوجها اثناء فترة الإغلاق, قالت أن زوجها قد تعدى عليها خلال علاقتهما التي دامت 6 سنين, ولكن فترة الحظر الشامل قد جعل الأمر اكثر سوءاً, في اماكن عدة في الصين , تقارير العنف المنزلي قد ازدادت ثلاث أضعاف مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي.

في الجانب الآخر من العالم,عدة مدن في الولايات المتحدة يبلغون بالفعل عن قفزات في حالات العنف المنزلي و المكالمات في الخطوط المحلية. في بلدة شرق بينسلفانيا, رجل خسر وظيفته بسبب الوباء قد أطلق النار على حبيبته من الخلف ومن ثم أطلق النار على نفسه يوم الإثنين. قد أصبح “مستاءاً جداً” بسبب فيروس كورونا, الضحية, التي نجت, أخبرت الشرطة بذلك.

بالإضافة للعنف الجسدي, والذي هو غير موجود في كل العلاقات المؤذية, يقول الخبراء إن الأدوات الشائعة للعنف المنزلي يمكن أن تضم المراقبة المستمرة, قواعد مفصلة و قاسية للسلوك, والمنع من الوصول للضروريات الأساسية مثل الأكل, الملابس و المرافق الصحية. 

بالرغم من ندرة المصادر, تقارير من المملكة المتحدة, أستراليا, الهند. ودول أخرى توحي بزيادة قضايا العنف المنزلي منذ تفشي فيروس كوفيد – 19 , أنه نمط يظهر حول العالم

ما الذي يوقد “جائحة الظل” هذه؟

العنف المنزلي متجذر في عدم المساواة في القوة والسيطرة. المعتدي يشعر بكم هائل من فقدان القوة و السيطرة على حياتهم بسبب الوباء, فيشددون سلطتهم في المنزل، وهي المنطقة الوحيدة التي يشعرون فيها بأن لديهم القوة و ينفسون عن إحباطهم على النساء في المنزل

كاتي راي جونز، المدير التنفيذي لخطوط العنف المنزلي القومية

 بالإضافة, فإن العنف المنزلي متوطن بالفعل في كل مكان, ويرتفع بصورة حادة عندما يوضع الأفراد تحت الضغوط التي تأتي من ظروف معيشية محصورة ومخاوف بشأن أمنهم وصحتهم وأموالهم.

بناءا على تقديرات أولية, مثل وباء الإيبولا فأن العزل الإجتماعي قد زاد من معدل العنف المنزلي, فومزيل ملامبو نجوكا, رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة تعتقد أنه في البلدان الخاضعة للحظر ، يمكن أن يرتفع العنف المنزلي بنحو الثلث. 

يقدم المزيد من البحث في الأحداث الصادمة السابقة وأنواع العزلة الأخرى بعضًا من الأدلة حول تداعيات الصحة النفسية المحتملة التي تسبب عنفا في المنزل.  وفقا لمراجعة سريعة حول الآثار النفسية للحجر الصحي,الذي نشر في الرابع عشر من مارس في مجلة لانسيت الطبية البريطانية, بعض الدراسات تقترح أن أثر الحجر الصحي قد تكون شديدة لدرجة تؤدي إلى تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). والتي قد تضم أعراضاً مثل اليقظة المفرطة ، ذكريات من الماضي والكوابيس التي قد تستمر لسنين, أصبح تشخيصا نفسيا رسمياً في عام 1980, عندما عبر الجنود القدامى عن التوتر الناجم من حرب فيتنام, التي انتهت عام 1975.

كلما زادت مدة الحجر الصحي, كلما أثر ذلك على الصحة النفسية للأفراد, كلما زاد العنف في المنازل. يشعر الباحثون بالإحباط لأن مثل هذه النتائج لم تصل إلى صانعي السياسات ، الذين يواصلون اعتماد نهج محايد تجاه الأوبئة.  

العنف المنزلي غير المبلغ عنه

إضافة إلى حقيقة أن هناك وصمة عار تدفع بعدم الإبلاغ عن العنف المنزلي, فالذين يستجيبون  للكوارث ليسوا مدركين لحقيقة أن العنف المنزلي قد يزداد في فترة الإغلاق, ولا ينظرون إليها ولا يستعدون لها ؛ وعندما يتخذ العنف المبني على النوع الاجتماعي شكل العنف المنزلي ، فإنهم غالبًا لا يعرفون كيفية الرد. 

كما قال أحد الرومانيين الذين أجريت معهم مقابلة ، “بعد الفيضان ، شعر الناس برغبة في البكاء أكثر من القتال”. وأشار تقرير ساموا إلى أن الناس قد يكونون أقل عرضة للاعتراف بالعنف المنزلي في مجتمعهم بعد الكارثة ، مع الاعتراف بأن الأسر تواجه ضغوطًا متزايدة وتحتاج إلى الوقوف معًا في مواجهة الحزن والمحن.

ماذا يمكن أن تفعله الحكومة والمجتمع؟

يجب على الحكومات وصانعي السياسات إدراج خدمات أساسية لمعالجة العنف ضد المرأة في التأهب و وضع خطط الاستجابة لكوفيد – 19, تمويلها, وتحديد طرق لجعلها متاحة في سياق تدابير الابتعاد الجسدي.

منظمات الإستجابة الانسانية يجب عليها تضمين خدمات للنساء اللاتي يتعرضن للعنف وأطفالهن في خطتهم لمجابهة كوفيد-19 وجمع البيانات حول حالات العنف ضد النساء التي تم الإبلاغ عنها.

أفراد المجتمع يجب أن يكونوا مدركين للمخاطر المتزايدة للعنف ضد النساء أثناء الوباء وضرورة التواصل مع النساء ومساندة النساء المعرضين للعنف المنزلي, والحصول على المعلومات التي توضح الأماكن المتاحة لمساعدة الناجيات. ومن المهم التأكد من أنه آمن التواصل مع النساء عندما يكون المعتدي موجودًا في المنزل.  

مع قلق المناصرين بشأن الضحايا العالقين بالقرب من المعتدين ,وغير قادرين على طلب المساعدة بأمان. فقد بدأوا في الترويج لخط مساعدة بالرسائل النصية ، الذي يسهل عليهم إستخدامها خلسة حتى عند وجودهم في نفس الغرفة مع المعنف.

كذلك يشجعون افراد العائلة ان يكونوا على تواصل مستمر مع الضحايا الذين يعانون من سوء المعاملة والاعتداء. الأمم المتحدة للنساء قالت ” يجب تعزيز خطوط المساعدة والدعم النفسي والاجتماعي والاستشارة عبر الإنترنت ،, واستعمال الحلول المبنية على التكنولوجيا مثل الرسائل النصية , أدوات وشبكات الإنترنت لتوسيع الدعم الاجتماعي ، والوصول إلى النساء اللاتي لا يصلن إلى الهواتف أو الإنترنت “. في إسبانيا وفرنسا, النساء يستطعن الذهاب الى الصيدلية وطلب “قناع- 19” – بمثابة كلمة سر لتنبيه الصيدلي للإتصال بالسلطات.

يجب على الدولة بأسرها أن تدرك خطورة المشكلة ، وأن تستمع إلى النساء وتتعاطف معهن. في هذا الوقت ، تحتاج النساء ، أكثر من أي وقت آخر ، إلى التأكد من أنه سيتم سماع صوتهن ، وسيتم إرسال المساعدة إذا خافن على حياتهن أو على أطفالهن. يجب تصنيف الوصول إلى النساء في محنة كخدمة أساسية

رسالة تأخذها معك إلى المنزل

اغلبيتنا على تواصل مع ضحايا العنف المنزلي, الناجين و المعتدين, حتى ولو لم نلحظ ذلك. نحن المحاضرين ، والأخصائيين الطبيين ، ومقدمي الرعاية الخاصة بهم ، ومعلميهم ، والأخصائيين الاجتماعيين ، والمديرين التنفيذيين وما إلى ذلك. إذا كنا نعمل في أي نوع من دور الدعم أو دور الاتصال المباشر خلال أزمة COVID-19 ، فمن المهم أن نتذكر أن “العمل من المنزل” يجلب معه تحديات مختلفة لأشخاص مختلفين. نحن بحاجة إلى أن ندرك كيف يمكن أن يؤثر ذلك على ضحايا ومرتكبي العنف المنزلي وكذلك الأطفال في المنزل. بينما يواصل العالم محاربة أزمة فيروس كورونا، يجب ألا ننسى أولئك الذين يعيشون في مواقف خطرة.

  • بعض النصائح للمجتمع: تواصل مع شخص أنت قلق عليه شخصيًا ،لو شككت بأن الضحية غير قادرة على التحدث لأنه يتم التنصت عليها, أعطهم مخططا مفكرا بسهولة لإنهاء المكالمة ، على سبيل المثال إذا لم يكن من الآمن التحدث الآن ، فيرجى تكرار ذلك بعدي “أنا آسف لأنه لا يوجد أحد يدعى فاطمة هنا ،لديك الرقم الخطأ”.
  • نصائح للتعامل مع التوتر في المنزل والإجراءات التي يجب اتخاذها إذا كنت أنت أو احد أفراد عائلتك يعانون من العنف:
    • محاولة الحفاظ على روتين يومي وافساح المجال للنشاطات الجسدية و النوم.
    • استخدام تمارين الاسترخاء (مثل التنفس البطيء ، والتأمل ، واسترخاء العضلات التدريجي ، وتمارين التأريض) لتخفيف التوتر والمشاعر المجهدة
    • الانخراط في الأنشطة التي ساعدت في الماضي في إدارة الشدائد.
    • تواصل مع العائلة والأصدقاء الداعمين الذين يمكنهم المساعدة عمليًا (مثل الطعام ورعاية الأطفال) وكذلك في التعامل مع القلق.
    • ضع خطة سلامة لك و لأطفالك في حالة تفاقم العنف. وهذا يشمل الاحتفاظ بأرقام هواتف الجيران والأصدقاء والعائلة الذين يمكنك الاتصال بهم للمساعدة او الذهاب اليهم ؛ الاحتفاظ بوثائق مهمة ، ومال ، وبعض الأشياء الشخصية التي يمكنك أخذها معك إذا كنت بحاجة إلى المغادرة على الفور ؛ وخطط لكيفية مغادرة المنزل والحصول على المساعدة (مثل وسيلة النقل والموقع).

Comments are closed.