مقدمة :
بحسب ما يشير إليه التاريخ الحديث ، فإن ختان الإناث منتشر في المجتمعات السودانية . سنوات من الجهود للحد منه على كل من الجانبين الاجتماعي و التشريعي ، قد كانت ثابتة من جهة الناشطات النسويات ، منظمات المجتمع المدني ، القادة الدينيين ، النساء ، الرجال ، الأطفال و الهيئات الحكومية . بالرغم من أنه يقال أن هذه الجهود قد بدأت منذ أربعينيات القرن الماضي ، يمكن التحقق من أن إقرار القانون الوطني الذي يجرم ختان الإناث قد تم في العام 1983 ، نفس العام الذي قد تم فيه تقديم قانون الشريعة الإسلامية لإطار العمل السوداني . بعد ما يقارب الأربعين عاماً تم تقديم مسودة قانونية تقوم بتجريم كل أشكال ختان الإناث في أبريل 2020 تحت السلطتين السياستين اللتين تحكمان السودان في فترته الإنتقالية : المجلس السيادي و مجلس الوزراء .
يهدف النص لتوفير تحليل شامل للمؤشرات و الديناميكية الاجتماعية المختلفة التي تحدد فعالية المسودة .
محتوى هذا النص لن يتناول التأثير الصحي والنفسي لختان الإناث على النساء و الفتيات ، و لن يتناول صلاحية النقاشات التي تبرر ختان الإناث .
خلفية : بعض التعريفات و الإحصائيات لتوضيح المشهد
تعرف منظمة الصحة العالمية ختان الإناث على أنه ” الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية للإناث أو إلحاق إصابات أخرى بها لأسباب غير طبية” .
غالباً ما يستخدم مصطلح ختان الإناث في موضع مصطلح تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ؛ لكن ذلك قد يكون مضللاً إذ يشير لأن العملية مشابهة للتي تؤدى على الذكور . إذ أن درجة القطع تكون أعمق للإناث ؛ فذلك يعتبر تلف لوظائفهن الإنجابية و الجنسية ، و المضاعفات الصحية تصل لاختبار الالم عند التبول بشكل يومي . من المهم الأخذ في الاعتبار أن التعريف المذكور سابقًا لا يصف أنواع تشويه الأعضاء الأنثوية التي تتم ممارستها على الإناث . لكن لاحقاً في هذه المقالة سنوضح كيف أن كيفية و مكان القطع لها دور رئيس في تحديد ديمومة الفعل أم لا ، بالأخص فيما يخص المجتمع السوداني.
تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى هو فعل عابر للقارات و الثقافات. يكشف بحث أُصدِر في عام 2012 أن على نطاق العالم ، 140 مليون امرأة و فتاة يختبرون آثار تشويه أعضائهن التناسلية و أن 3 مليون أخرى في خطر . في جنوب الصحراء في إفريقيا و البلدان العربية 200 مليون فتاة و امرأة قد تعرضت لهذا الفعل منذ 2016 [2, 3]. يمُارس ختان الإناث في حوالي 28 بلد إفريقي كما في بلدان الشرق الأوسط وبلدان جنوب شرق آسيا . لكن مع ذلك الحقائق الحية للناجيات من ختان الإناث يمكن إيجادها في شتى أنحاء العالم نسبة لارتفاع معدلات الهجرة العالمية .
آخر إحصائية تم إجراءها لقياس مدى انتشار ختان الإناث عبر السودان كانت في 2014 من قبل اليونسيف و التي وجدت أن 86.6% من النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-49 عاماً قد شهدن نوعاً من تشويه الأعضاء التناسلية . هذا يضع البلاد في فئة ” الأكثر انتشاراً ” من قبل اليونسيف. يعتقد أن أكثر من 12 مليون فتاة و امرأة قد شهدت نوعاً من تشويه الأعضاء التناسلية .
بالإضافة لذلك ، فإن الجهد الموجه للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث اكتسب نشاطاً بسبب أن ختان الإناث معروف في نطاقات العمل العالمية . نطاقات العمل العالمية تشمل مؤتمر حقوق الطفل للعام 1990 ، المؤتمر العالمي للتعداد السكاني و التنمية في القاهرة في العام 1994 و المؤتمر العالمي الرابع للنساء في بكين 1995 .
قام السودان بتوقيع و كذلك تصديق عدد من الاتفاقيات و المعاهدات العالمية و الاقليمية التي تدين ختان الاناث و تطالب بالنشاط ضده . ( ذلك لا يشمل اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة أو الميثاق الإفريقي بخصوص حقوق و شؤون الطفل ). مع ذلك لم يتم تنفيذ أي خطط وطنية في تلك المسألة .
مع العلم أنه إذا قام بلد بتوقيع معاهدة ، فذلك يعني موافقته على محتوى الوثيقة ، في حين أن التصديق يعني أن البلد يحمل إلزامًا قانونيًا تجاه الاتفاق تحت القانون الدولي .
ختان الإناث في السودان – المفهوم الثقافي :
هذا الجزء يهدف لاستكشاف ثقافة ختان الإناث في السودان ، كيفية و سبب ظهوره ، ما الذي جعله مستمراً على مدار السنوات و ما هي العوامل التي يجب أن نركز عليها في البحث عن طريقة لفهم ختان الإناث .
ظهر ختان الإناث بداية في المجتمعات السودانية تباعاً لميراث قديم يدعى الختان الفرعوني ، عادة على مدار مئات السنين ، و يشار إليه في المصطلحات الحديثة بالختان . الختان الفرعوني أو ( ” النوع الثالث” وفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية لختان الإناث ) متفق عليه بين الخبراء بأنه أسوأ طريقة يمارس فيها تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ، إذ أن جميع الأجزاء التناسلية الخارجية للأنثى تتم إزالتها .
السبب في خضوع الفتيات للختان هو مساهمته في تثبيط غالبية قدراتهم و حواسهم الجنسية . هذا نتيجة للاعتقاد بأن رغبات الأنثى الجنسية يجب ألا توجد على الإطلاق ، من أجل أن تظل مقبولة في المجتمع و تكون مرشحة جيدة للزواج . عامل الأهلية للزواج يمكن تفسيره بأن الرجال السودانيون ، كانوا يميلون ، أو لا يزالون يميلون لتفضيل الزواج من امرأة تعرضت للختان نسبة لأن ذلك يعني أنها ” طاهرة ” و سهل التحكم بها في النشاطات الجنسية .
الشريعة الدينية المتصورة أيضاً تحث على ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى ، و حين التحدث عن ختان الإناث في الشريعة الدينية لا بد من الأخذ في الاعتبار مفهوم الختان السني ( النوع الأول وفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية ) . من يتبع الإسلام السني في السودان يمكن أن يشكلوا ما يقارب 97% من التعداد السكاني ، في حين أن النسبة الباقية تضم المسيحية و إعتقادات السكان الأصليين . وفقاً لذلك ، نرى أن الدين يؤخذ كدافع لممارسة ختان للإناث . الطريقة المتبعة للختان في السنة تعتبر أقل حدة حيث أنه يتم إزالة البظر جزئياً أو كاملاً فقط ، لكن كذلك تتبعه مشاكل صحية ، و عموماً تعقيدات في الوظائف الجنسية و الإنجابية . مع ذلك ، فإن ربط هذا النوع من ختان الإناث بالدين قد سبب العديد من النقاشات و النزاعات العامة ، و يمكن الإشارة لذلك بأنه قوة مقاومة متكاملة من أجل الإصلاح القانوني كما سيتم توضيح ذلك في هذه المقالة .
” نحن نقوم بأداء السنة ، التي هي سنة الرسول محمد( عليه الصلاة و السلام ) الذي قد أخبر أم عطية ( إمرأة في زمن الرسول ) ألّا تقوم باستئصال الكثير من الأعضاء التناسلية و ترك الباقي كما هو ، هذه هي السنة و يجب علينا أن نطبقها ”
نقاش جماعي ، أمبدة .
الاعتقادات الثقافية التي تحيط بختان الإناث لا تتوقف عند التحكم بالقدرات الجنسية و الشريعة الإسلامية بل تمتد لمفهوم ” النظافة ” و ” إزالة الأعضاء التي تعتبر غير أنثوية ” للمرأة . كشفت دراسة تمت عبر لجنة السودان الوطنية لمحاربة العادات التقليدية الضارة أن هنالك اعتقاد يؤمن بأن أثناء الولادة إذا لمس رأس الطفل البظر فإنه سوف يموت؛ و في بعض المناطق يعتقد بأنه إذا لم يتم ختن البظر فإنه سينمو بين الرجلين كالعضو الذكري . هذه المعتقدات الثقافية غالباً ما تكون مرتبطة بمفهوم الأنوثة ، و كيف أنها ستزداد بإزالة الأعضاء الرجولية ( البظر ) ، أو أن تكون ملساء و جميلة أكثر في حالة الختان الفرعوني ( النوع الثالث) .
علاوة على ذلك ، في حين أن هذه الأسباب تحدد الدافع الثقافي خلف اختيار العوائل تعريض فتياتهم للختان ، فإن ذلك يسلط الضوء على سبب أخر ، ألا و هو القبول في المجتمع . بغض النظر إذا آمنت المجتمعات أو حاولت إيجاد المنطق في هذه المعتقدات الثقافية ، فقد كانت حاسمة في تأدية الختان كما هو ، فقط لمجرد أنه معيار اجتماعي . بأخذ ذلك في الاعتبار ، فإن العار المجتمعي يؤخذ في مقدمة الأسباب التي تشكل تحدياً في محاربة ختان الإناث و المحاسبة عليه . من أجل هذه المعايير المجتمعية و الرغبة في القبول بين المجتمع بحيث تبقى مكانتهم الإجتماعية ثابتة تنصاع العوائل .
” أمي ، أنا خائفة ” بهذه الكلمات تكشف فتاة الرعب الذي خاضته مع تشويه أعضائها التناسلية ، تجربة تعتقد بأنها جعلت طفولتها ” دموية ” . توضح أن منزلة الختان في المجتمع جعلت من حولها يتجاهل صرخات ألمها حين كان الدم ينساب بين ساقيها ، حيث كُتِمت صرخاتها بزغاريد نساء عائلتها .
بمرور الزمن ، ربما تغير مفهوم الناس الثقافي نحو ختان الإناث ، لكن الأرقام لم تزل مرتفعة ، قامت دراسة في جامعة نيالا باستكشاف مفهوم الطلاب الذكور و الإناث نحو ختان الإناث ، و أشار معظم الطلاب الذكور للدين كالمؤثر الرئيس في الختان ، في حين أن الطالبات الإناث اعتقدن أن الدين من أقل الأسباب تأثيراً و أن الاعتقادات الثقافية هي ذات التأثير الأكبر .
مع ممارسة الختان الفرعوني ( النوع الثالث) يظهر فعل أكثر وحشية و هو ما يعرف بالعدَل . و الذي هو عبارة عن عملية يتم فيها إعادة خياطة الأعضاء التناسلية للأنثى بعد الولادة . يعتبر العدل كوسيلة تضييق الأعضاء التناسلية للأنثى لمشابهة أعضاء العذراء التناسلية ، ما يعني متعة أكبر للزوج و فرصة أفضل للحفاظ على الزواج . أعداد كبيرة من النساء متأثرات بهذا النوع من إعادة الختان ( 23.9% من النساء اللاتي تزوجن و اللاتي أعمارهن ما بين 15-49 سنة و اللاتي قد ولدن ) . مع ذلك فإن هذه النسبة ينقصها التناسق ، حيث أن في ولاية كسلا على سبيل المثال ، ترتفع النسبة إلى 62.5% من النساء هناك . توضح دراسة من عام 1983 أن 80% من النساء اللاتي خضعن للختان قد تعرضن للعدل خمس مرات على الأقل .
” بعد الولادة ، هناك دم و إفرازات أخرى يجب أن تخرج ، لكن الضيق الذي يسببه العدل يمنع ذلك ، و أنا ذات نفسي أعاني من هذا و قد سبب لي ذلك مشاكل صحية مثل الإلتهابات . لكنني لا زلت أقوم بذلك من أجل زوجي . لكنني لا زلت أدع بناتي يخضعن للسنة ، لأنها طريقة لطهارة و حماية الفتاة ”
امرأة بعمر 38
ختان الإناث في السودان – المفهوم السكاني :
يركز هذا القسم على تسليط الضوء على العلاقة بين ختان الإناث ، و التركيبة السكانية المتصلة به ؛ بشكل أساسي العمر ، المواقع الجغرافية ، الأصل العرقي و المكانة الإجتماعية الاقتصادية .
العمر :
وفقاً لإحصائيات منظمة اليونسيف في السودان ، فإن الفترة العمرية التي يتم فيها الختان تتراوح بين 0-15 عاماً، لكن 66% من الفتيات يتعرضن للختان بين عمر 5-9 سنوات .
طالبات ينتظرن دورهن من أجل الفحص الطبي كجزء من برنامج الصحة المدرسي في الأبيض ، ولاية شمال كردفان ، السودان 2017
منظمة الصحة العالمية / محمد الأمين
الموقع الجغرافي :
الرئيسة السابقة للمشروع القومي للقضاء على ختان الإناث ، أميرة أزهري ، ذكرت الإحصائيات التي قامت بها لجنة السودان الوطنية للعام 2010، و التي وضحت أن انتشار ختان الإناث على الصعيد الوطني قد وصل نسبة 65.5% ، حيث تتركز 83.3% من هذه النسبة في ولايات النيلين ، و 82.4% في الولاية الشمالية . و قد وُجدت أقل نسبة من الدعم للقضاء على ختان الإناث في شرق دارفور ، حيث أن 30.6% فقط من السكان قد عبروا عن استنكارهم له ، في حين أن أعلى نسبة لدعم القضاء على ختان الإناث كانت في الخرطوم ، حيث أن 70% عبروا عن موافقتهم للجهود التي تدعو للقضاء عليه .
تكشف الدراسات التي تمت على مدار السنين بخصوص انتشار ختان الإناث في السودان أن قابلية انتشاره أكبر في مناطق الوسط والشمال الغربي . كما توضح الدراسات بأنه لا يوجد فارق حقيقي بين انتشار ختان الإناث في المجتمعات الحضرية و القروية .
الأصل العرقي :
بالإشارة إلى دراسات ختان الإناث متعددة المواقع الجغرافية التي تم ذكرها سابقا يمكن القول بأن انتشار ختان الإناث بين أغلبية الأصول العرقية المختلفة متشابه . مع ذلك ، فإن قبائل الفور ، الهوسة و الأمبارارو لم تشهد انتشاراً لختان الإناث . برغم عدم ممارسة هذه القبائل لختان الإناث ، فقد تم تسجيل بعض الممارسات للختان نسبة لهجرتهم للمجتمعات التي تقوم بممارسته . كشفت التقارير أن الضغط المجتمعي قادهم للممارسة الختان خوفًا من أن يتم نعتهم ب ” النجاسة ” . انتشار ختان الإناث في المجتمعات بين سكان الجنوب قد وجد أن سببه كذلك هو اختلاطهم بسكان الشمال . هذا يسلط الضوء على الدور الذي يلعبه التصنيف المجتمعي في انتشار ختان الإناث .
ينص صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الأصل العرقي يمكن اعتباره كأكثر العناصر تأثيرا في ظهور ختان الإناث ، بحيث يتعدى تأثيره المنزلة الاجتماعية الاقتصادية و المستويات التعليمية .
المنزلة الإجتماعية -الإقتصادية :
تظل العلاقة بين ثروة العائلة و تعرض الفتيات للختان محل جدل . مع ذلك ، فإنه يُعتقد بأن النساء اللاتي حصلن على مستوى تعليم أعلى ، واللاتي يعتبرن في أعلى الهرم المادي أنهن على الأرجح سيرفضن ختان الإناث . هذا يعتبر دليل على أنه كيف في بعض الدراسات ، مثل الدراسة التي قامت بها مبادرة سليمة في إحدى الجامعات السودانية ، و التي كشفت أن 56% من الفتيات قد تعرضن للختان ، و ترتفع الأرقام بالنسبة للفتيات من المجتمعات القروية ، حيث يوجد التنمية و التعليم بنسبة أقل . الارتباط بالتعليم يسلط الضوء على أن النساء الأصغر سناً لديهن قابلية أقل لتعريض فتياتهن للختان
حيث أن فرصهن في إتمام تعليمهن كانت مختلفة بشكل إيجابي . مع ذلك ، فقد أكدت البحوث أن النساء الحاصلات على مستويات تعليم أعلى و اللاتي يعشن في المناطق الحضرية كنّ أكثر ميلاً لممارسة النوع الأول من ختان الإناث ( ختان السنة ) ، و الذي يعتبر أقل حدة ، عوضاً عن الامتناع عن أداء الختان كلياً.
ختان الإناث في السودان – أصحاب المصلحة :
يوضح هذا القسم بشكل مختصر أصحاب المصلحة المختلفين في عملية ختان الإناث .
مرتكبي الختان : ذلك يشمل الأفراد الذين يقومون بعملية الختان.
أصحاب القرار : ذلك يشمل الأفراد الذين يقررون ما إذا كان الختان سيتم أم لا .
المحرضون : ذلك يشمل الأفراد الذين يساهمون في صنع القرار بشكل غير مباشر لكن لهم دور كبير في تشجيع أصحاب القرار في القيام بذلك .
الشهود : هذا يشير إلى الأفراد الذين قد يكونون معارضين للختان لكن يختارون عدم التدخل .
المانعون : هذا يشير للمجموعات التي كان لها دور في عدم حدوث الختان .
ختان الإناث في السودان – ما الذي تطلعنا و لا تطلعنا عليه الاحصائيات :
حين محاولة فهم مقدار ممارسة ختان الإناث في السودان ، من المهم الإطلاع على المفاهيم المختلفة التي تجعل الأرقام تحمل معاني مختلفة.
واحدة من المشكلات التي يجب أخذها في الاعتبار هي كيف أن ختان الإناث شيء محرّم .معالمه في السودان تظل جزئية وغير كاملة حيث أن العديد من الحالات تظل غير مبلغة و غير متحدَّث عنها . بالإضافة لذلك، فإن المجتمعات المحلية تواجه صعوبة في التفريق بين أنواع الختان المختلفة . في العديد من المناسبات، تم إكتشاف أن البيانات التي تم تسجيلها خاطئة ، حيث أن الذين يتم استجوابهم يصرحون بأنهم لم يتعرضوا للختان ، و يظهر لاحقاً أنهم خضعوا للنوع الأول من الختان ( الختان السني ) . هذا يكشف لنا أن هناك اعتقاد خاطيء بأن الختان الفرعوني هو النوع الوحيد المؤذي لذلك يفترضون بأنه المقصود عند السؤال عن تشويه الأعضاء التناسلية .
من المهم أيضاً فحص الاحصائيات بشكل نسبي . على سبيل المثال إذا كان قياس تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في وقت معين يظهر انتشاره بين فئات عمرية مختلفة ، فإن ذلك يخلق إمكانية معرفة ما إذا الفعل متزايداً أم متناقصاً في الانتشار . في حين أن هذه المقارنات قد تكون مجدية ، لكنها كذلك يمكن أن تكون مضللة ، خاصة بين سنتي 2014 و 2010 ، حيث شهدت هذه الفترة أعداداً كبيرة من الهجرة الجماعية و التي تلاها انفصال جنوب السودان عن شمال السودان . لذلك من الضروري الأخذ في الاعتبار هذه التغيرات المربكة حين تحليل البيانات .
ختان الإناث في السودان – الجانب القانوني:
في هذا القسم ، ستتم مراجعة المراحل المختلفة التي مر بها تشريع ختان الإناث و كيف تم تعريفه على مدار السنين .
مع العلم أنه حتى أبريل 2020 فإن التشريع الوطني لم :
- يوفر تعريفاً واضحاً لختان الإناث
- يجرّم القيام بختان الإناث
- يجرّم تنظيم و/أو المساعدة في أداء ختان الإناث
- يجرّم عدم التبليغ عن عمليات ختان الإناث
- يجرّم مشاركة الأخصائيين الطبيين في ختان الإناث
- يجرّم عبور الحدود من أجل القيام بختان الإناث
في الجدول التالي قوانين لها صلة بذلك .
العام | التشريع |
1946 | أول قانون يقوم بتجريم ختان الإناث تم سنّه تحت الحكم الإستعماري الإنجليزي . |
1973 | تمت إضافة مادة تحظر ختان الإناث إلى القانون الجنائي . |
1983 | تم تقديم قانون الشريعة و تم إلغاء المادة التي تخص ختان الإناث في القانون الجنائي . |
1991 | القانون الجنائي للعام 1991 : يعرّف القسم 138 الجروح التي تتم على شخص آخر ( سواء كانت ‘ مقصودة’ أو ‘ شبه مقصودة ‘ ) و التي تنتج في فقدان عضو ما أو أي من الحراس ، و التي تجعل الجاني يخضع للعقوبات على ارتكاب الجريمة .يعرّف القسم 142 ‘ الأذى ‘ على أنه تسبيب الألم لشخص آخر ووفقاً لذلك فإن ذلك يعرضه للعقوبة . |
2007 | تم ضم المسودة التي تضم قانون الطفل و التي تمت الموافقة عليها في العام 2010 . |
2007 | قامت ولاية البحر الأحمر بتقديم قانون يقوم بتجريم كل أنواع ختان الإناث . لكن ، المظاهرات التي قامت بها قبائل البجة أدت لإلغاء القانون . |
2008 | كانت ولاية جنوب كردفان أول من يتبنى موقفاً قانونياً ضد ممارسة ختان الإناث – منع ختان الإناث (2008) : تم تحميل الآباء و أولياء الأمور مسؤولية حماية الإناث ( حتى عمر 18 سنة ) من تشويه الأعضاء التناسلية . من مسؤولية الكل التبليغ عن حدوث ختان الإناث. كما يوفر هذا القانون تعويضات تدفع لضحية الختان من قبل الشخص الذي عرضها للفعل . |
2009 | تم إقتراح إضافة المادة 13 إلى قانون الطفل ، لتجريم كل أنواع ختان الإناث . لكن تم رفض ذلك من قبل الأفراد المحافظين في الحكومة الذين ربطوا ختان الإناث بالسنة. |
2009 | كانت القضارف ثاني ولاية تسن قانوناً بخصوص ختان الإناث . و الذي كان تحت المادة 13 من قانون الطفل في العام 2009 ، حيث تم حظر كل الممارسات التقليدية المؤذية ( بما في ذلك ختان الإناث) . هذا ينطبق على كل انواع ختان الإناث. |
2010 | قانون الطفل للعام 2010: يحمي الفصل الثاني، المادة الخامسة ، الأطفال ( دون 18 عاماً ) من كل أشكال العنف و الأذى الجسدي و النفسي ؛ القسم 2 من المادة ينص بدقة : ‘ هذا القانون يضمن حماية الطفل سواء كان انثى ام ذكر من كل اشكال و انواع العنف ، الاذى، المعاملة الغير انسانية ، الاعتداء الاخلاقي او الجنسي ،الاهمال أو الاستغلال ‘. |
2011 | بعد موت فتاة في ولاية البحر الاحمر بسبب الختان، ازداد الضغط من اجل تجريم الفعل و شمل قانون الطفل 2011 حظر ختان الإناث تحت المادة 10 ، لكن ذلك كان فقط من أجل أشد أنواع الختان ضرراً ( الختان الفرعوني ) لكن مع ذلك لم تقم وزارة الصحة باصدار مرسوم يخص ختان الاناث مما جعل اصدار الحكم غير مكتمل . |
2013 | كانت ولاية جنوب دارفور ثالث ولاية تتخذ إجراءات قانونية بخصوص ختان الإناث تحت المادة 11 من قانون ولاية دارفور للطفل للعام 2013 حيث تم حظر كل أنواع ختان الإناث. |
2016 | تمت الموافقة على إجراء تعديل على القانون الفيدرالي للعام 1991 من قبل مجلس الوزراء والذي يقوم بتجريم كل انواع ختان الإناث تحت مادة جديده 141 والذي كان ما يزال ينتظر المصادقة من قبل البرلمان . |
2020 | تمت المصادقة على القانون الوطني الذي يقوم بتجريم كل انواع ختان الاناث . |
تواجد ختان الإناث في الدستور:
دستور جمهورية السودان لعام 2005 ( المعدل عام 2007) يضع التزامات مختلفة على الدولة لحماية النساء و الأطفال. المادة رقم 15 تنص على أن الدولة تحمي ’النساء من الظلم، تشجع المساواة بين الجنسين، و تمكنهن في الحياة العامة‘. المادتين رقم 28 و 33 تذكران أن الجميع لديهم ’الحق المتأصل في الحياة، الكرامة و النزاهة لشخصهم‘ و ’[لا] أحد سيتم إخضاعه للتعذيب أو لمعاملة قاسية، غير إنسانية أو مهينة.‘ بالرغم من أن الدستور لا يذكر ختان الإناث، المادة رقم 32 تشير للممارسات المضرة فيما يتعلق ب ’حقوق النساء و الأطفال‘: الدولة ملزمة ب ’تشجيع حقوق النساء من خلال العمل الإيجابي‘، ’محاربة العادات و التقاليد الضارة التي تقوض كرامة و مكانة النساء‘ و ’حماية حقوق الطفل على النحو المنصوص عليه في الإتفاقيات الدولية و الإقليمية التي صادق عليها السودان‘.
الجهود المبذولة لإنهاء ختان الإناث :
تعود الدعوة لإنهاء ختان الإناث إلى أربعينيات القرن الماضي. و مع ذلك، يقال أن المناصرة القانونية قد بدأتها بعض المنظمات غير الحكومية في السبعينيات. إلى يومنا هذا، هذه الجهود متواصلة من خلال الوكالات الوطنية و الدولية، بالإضافة للهيئات الأكاديمية و البحثية كجزء من الحركة. خطة عام 2001 الوطنية لإنهاء ختان الإناث، و الفصل المعني بختان الإناث في إستراتيجية الصحة الإنجابية من قبل الوزارة الإتحادية، كلاهما وضعا بيئة أكثر ملاءمة للدعوة من قبل المجموعات المعنية بالموضوع. من الهيئات الرئيسية الملحوظة في تاريخ الدعوة لمحاربة ختان الإناث هي الشبكة السودانية للقضاء على ختان الإناث، أخذت الشبكة زمام المبادرة في صياغة الإستراتيجيات ذات الصلة، و الأهم من ذلك، في تنظيم هذه الإستراتيجيات بين أعضاء الشبكة.
من أجل صياغة صورة مكتملة للمسار الذي اتخذته الدعوة خلال السنوات، يجب أن ننظر للعقبات الرئيسية التي واجهتها الهيئات المعنية؛ ماذا كانت النكسات، من المسؤول عنها و لماذا؟
الإنتماء الديني :
الصلة المعتقدة بين ختان الإناث و السنة النبوية، ساهمت في تقليل انتشار النوع الثالث من ختان الإناث (الختان الفرعوني)، لكن من الناحية الأخرى، هذه الصلة خلقت صورة جذابة و مريحة للنوع الأول من الختان، و الذي يفترض أنه نتيجة إعلان أصدره مجلس الفقه الإسلامي الوطني في مايو 2005، الذي نص أن ختان الإناث من النوع الأول “محبب دينياً”.
وجهة النظر المعادية للغرب :
النشاطات التي تؤديها منظمات المجتمع المدني في بعض الأوقات ينظر إليها كمحاولات لفرض الأيديلوجيات الغربية في المجتمع السوداني. تم اعتبارهم كدخلاء حريصين على تعطيل النمط الطبيعي الذي تتبعه الثقافات السودانية، و الرحلة الطبيعية التي يجب على الفتاة السودانية أن تقوم بها. التعليقات العامة التي أدلى بها رئيس جمعية العلماء السودانيين السابق، محمد عثمان صالح، يمكن أن تفسر على أنها شكل من أشكال الدعم لهذا الخطاب. لقد رفض أن يقر بالتشابهات الضارة بين الختان الفرعوني و السني، و كان يميل لإعتبار الختان السني “مكرمة للفتاة، و أنضر لوجهها، و تجاوب مع حاجات زوجها”.
لم يكن فقط صريحاً حول هذه التصورات، و لكنه أيضاً استنكر مجهودات الدعوة الهادفة لإنهاء جميع أشكال ختان الإناث و حث الحكومة للبقاء غير متجاوبة مع تدخلاتها. أشار لهذه الحملات بأنها “متآمرة و مدعومة من الجهات الغربية، و تتطلع للتخلص من عاداتنا السمحة”.
عدم دقة البيانات :
ختان الإناث، كونه موضوع محرم، لا يتم التبليغ عنه بشكل خطير، و البيانات التي ينتهي بها المطاف على الورق ينقصها التحديد في التفاصيل ( على سبيل المثال نوع الختان الذي تم إجراؤه). في مناسبات عدة، وجد أن ضحايا الختان و الجناة معاً لا يعون التمييز العملي بين أشكال الختان التي تؤدى. كانت هذه حواجز ضد استخدام البيانات لإبلاغ مخططات و استراتيجيات الدعوة.
أصحاب المصلحة الغير متعاونين :
من احد أهم أصحاب المصلحة هو الجاني، الذي، كما ذكر أعلاه، غالباً يكون من القابلات و عاملي الصحة. هذه المجموعات تم اعتبارها هدفاً رئيسياً لمنظمات المجتمع المدني النشيطة، و بالتفاعل معهم، تمكنوا من المساهمة في إدراج قسم القابلات بعدم ممارسة ختان الإناث في المنهج في مدارس القبالة. بالرغم من أن هذه الإضافة قد تبدو كعزاء لمجموعات مكافحة الختان، إلا أن ترجمتها في الواقع ليست واضحة. القابلات يخاطرن بكونهن المستقبلات لرد الفعل العنيف من المجتمع و دوائرهن، و ينتهي بهن الحال ممنوعاتٍ من تأدية القسم. مع ذلك، ختان الإناث يعتبر مصدر دخل عالٍ لهن؛ التدهور المتزايد في الحالة الإقتصادية قدم عقبة أمام الإستخدام الإيجابي للقسم.
ممثل متضارب في المشهد :
في حين أن الهيئات الحكومية كانت جزءاً رئيسياً في إنهاء حملات ختان الإناث، الأفكار المتضاربة داخل المؤسسة نفسها عرقلت عمليات دعم الحركات و تجريم الفعل على مستوى وطني. بجانب الآراء المعلنة المختلفة التي عبروا عنها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، المحافظون داخل الحكومة تعثروا على مصادقة المادة 13 في القانون الوطني الذي يدعوا لحظر كل أشكال ختان الإناث. بالرغم من حقيقة أن الرئيس السابق وقع على استراتيجية وطنية للقضاء على الختان، إلا أنه طلب إزالة المادة 13 من النسخة الأخيرة من القانون.
وفقاً لناشط :
“لقد حاولنا إدخال مادة، مادة 13، في قانون الطفل الوطني. لكن تم إسقاطه من قبل الرئيس. كان تحت ضغط من المحكمة الجنائية الدولية. بدأ بالتحدث مع السلفيين المناصرين للختان السني. يقولون أنه إسلامي. على هذه الخلفية، تجريم ختان الإناث تم تصويره على أنه تدخل من الغرب؛ أن المجلس الوطني لرعاية الطفل، المؤسسة الحكومية، كان يعمل مع الأمم المتحدة. (…). الرفض أتى من القائد الأعلى ذات نفسه”
الجهود المبذولة لإنهاء ختان الإناث – الفرص :
الإحصائيات الأخيرة تظهر انتشاراً عالياً بين 87% من النساء في سن الإنجاب (15-49)، و بنسبة أقل 31% بين النساء الصغيرات ( أقل من 15 سنة). هذا التحول الإيجابي في إنحدار ممارسة ختان الإناث يمكن و إلى حدٍ كبير أن ينسب إلى الجهود المبذولة من قبل الوكالات المختلفة المذكورة. كما حققنا في تحديات التنقل بين المجتمعات بالفعل، يمكن زيارة الجانب المشرق من الصورة؛ ماذا كانت العوامل و الفرص التي جعلت الدعوة ممكنة التنفيذ؟ ماذا نجح، من شارك و لماذا نجحت؟
حوارات بين الأجيال :
بما أن مجلس رعاية الطفل الوطني هو الهيئة الحكومية المسؤولة عن تنسيق النشاطات المتعقلة بختان الإناث، لقد تعاونوا مع مختلف الأطراف النشطة لتطوير إستراتيجيات أساسية لتنفذ عبر السودان. في صميم تلك الاستراتيجيات كان استخدام الحوار بين الأجيال لفتح محادثات عن الموضوع؛ محادثة تتضمن الجناة و الضحايا معاً. كان هذا ناجحاً في انعكاس إمكانية المعتقدات الثقافية البديهية للجناة في فرض حياة قبيحة على ضحاياهم.
دلالات إيجابية:
طريقة رسم صورة إيجابية لفتاة لم تمر بالختان حددت شعاراً لإحدى المبادرات الرائدة في المجال: ’كل فتاة تولد سليمة؛ دعوها تكبر سليمة‘. مبادرة “سليمة” وصفت الفتاة التي لم تتعرض للختان بأنها ” نقية، غير مصابة بالأذى، و سليمة”. لم يكن هذا إيجابياً فحسب، بل كان مختلفاً و سمح لموقف عكسي أن يولد؛ العبارات المهينة التي توجه نحو الفتيات اللاتي لم يتعرضن للختان عادة الآن تم صياغتها إلى أخرى تمجيدية.
الإعلانات العامة بالتخلي :
الإعلانات العامة بالتخلي كانت منتبهة لنوع الخطر الذي ينتج من الوصمة الاجتماعية و التقبل داخل حالة المجموعة.
تم إثبات أنها تغرس إحساساً بالتشجيع و التضامن داخل الأفراد المترددين ناحية إنهاء الختان، خصوصاً أولئك الذين يخافون من مواجهة العواقب الاجتماعية. أحد المجتمعات القائدة الذي عبر عن تخلي عنيد و واضح نحو ممارسة الختان هو مجتمع جزيرة توتي. يسكنها 21000 شخص، توتي ما زالت مثالاً ملهماً و رائداً لكيفية أن الموافقة الجماعية القادمة من الناس أنفسهم وسيلة قوية في المحاربة ضد الممارسات المضرة.
” جزيرة توتي مثال مشرق على كيفية قدرة المجتمع على بدء و استمرار جهد لإنهاء ختان الإناث،” تقول د. وصال أحمد، رئيسة الفريق في وحدة صحة النساء التابعة لمنظمة الصحة العامية. ” نتمنى من المجتمعات الأخرى التي أعلنت عن تخليها في السنوات الأربع الفائتة الاستمرار في التقدم.”
استخدام وجهة النظر الدينية :
لمجادلة حجة علاقة الختان بالسنة النبوية كان لابد من احضار نص ديني رابع يدين تشويه خلق الله. ذكروا أن الختان هو شكل من أشكال تغيير خواص الهيئة الطبيعية لجسد الإناث. أحد الحملات التي تبنت هذا النهج كانت ” المودة و الرحمة”، و التي ركزت على النهوض بحقوق المرأة و التصدي للعنف ضدها من خلال استعمال عدسات دينية.
الغضب و الحشد الإعلامي :
الأحداث التي تثير اهتمام الرأي العام، و بشكل افتراضي الإعلام، يمكن تمثيله بقصة إينام عبدالوهاب. إينام خسرت حياتها في عمر الرابعة بسبب عدوى حادة عانت منها. الطبيب المتابع لحالة إينام أصر على تشريح الجثة و تحديد سبب الوفاة، و الذي كان، و بشكل غير مفاجئ، قطع أعضائها التناسلية. قصة إينام أشعلت نار حملات محاربة الختان التي تم تنفيذها من خلال منافذ إعلامية مختلفة.
استخدام الإعلام الحديث و التقليدي في الدعوة نُظم على مستوى دولي و فيديرالي. رسائل المخبريين و القادة الرئيسيين تم إبلاغها للعامة بالغات المحلية، و في شكل برامج إذاعية، أغاني، و كذلك لعب أدوار. البيانات ذات الصلة لختان الإناث تم نشرها من خلال الصحف و القنوات التلفزيونية الوطنية. نشاط القنوات الإعلامية ساعد في بناء زخم على مستوى مجتمعي، و كنتيجة لذلك جعل عمل مناصري محاربة الختان و المشرعين أكثر إمكانية للتنفيذ، خصوصاً المجموعات المشاركة في حملات “سليمة”، و التي كانت شاهدة على تعبئة الوسائل الإعلامية. مجموعة إعلامية أجرت مراجعة بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان لتتبع الجهود المبذولة في استئصال ختان الإناث بين السنين 2000-2010، وأظهرت النتائج ما مجموعه 51 مادة منشورة في هذا الشأن، تقريباً في كل الصحف الوطنية. مهنيون من الذكور و الإناث كتبوا في مواضيع كالحالة القانونية لختان الإناث منذ 1946، الجهود القانونية المبذولة و إنجازاتها، و كذلك البيانات الإحصائية التي تنقل الأرقام العلمية المحققة من الاستطلاعات و الدراسات الصحية الوطنية.
الإعتراف بمكان وجود أصحاب المصلحة :
في حين الرجال هم عادة صناع القرارات في العوائل، و لكن الختان بالنسبة إليهم من شأن النساء، و بالتالي نادراً ما يتدخلون. مجموعات المناصرة، في الكفة الأخرى، اكتشفوا قريباً نوعية التأثير الذي يمكن أن يمتلكها الرجال في عملية إنهاء ختان الإناث. وصولهم لصناع قرارات آخرين على نحو أوسع ( قادة دينيين و قبليين) يشير إلى أن المشاركة مع الرجال و إدراك الطبيعة التحويلية لموقفهم المحايد عنصر مهم في التخطيط للدعوة.
أحمد، أحد الذكور الميسرين في مبادرة سليمة، شارك في منتدى تم إجراءه عام 2018، و الذي هدف للسماح للمناصرين بمشاركة التحديات و المعالم التي يواجهونها خلال عملهم في محاربة ختان الإناث. لقد ساهم بقوله:
” لقد تواصلت مع كل الشيوخ في القرية و نجحت في إقناع بعضهم، في حين أن البعض بقي محايداً،” قال أحمد. ” واصلنا مجهوداتنا مع العوائل، القابلات، الأطباء، و الشباب. تم إجراء العديد من الجلسات و المحادثات العامة.”
إضافة إلى ذلك، في كسلا، حيث انتشار ختان الإناث عالٍ، تقدير دور الرجل الشريك كان فعالاً بمعنى أن شبكات التواصل مع الذكور في محاربة الختان تم بناؤها. شيخ محمد سعيد كان أول الناس من مخيم اللجوء في ودشريفي الذي حضر التدريب عن ختان الإناث، و بعد أن تعرض للمعلومات، أصبح متحفزاً لتحدي الأفكار الدينية للقادة في المساجد، و كذلك مجتمع المخيم من حوله. منح لذلك لقب ” بطل التغيير” بعد نجاحه في بدء شبكة تواصل رجالية داخل المخيم، و التي تحرص على محاربة الختان. بكلمات الشيخ محمد سعيد، قال
“لمدة طويلة من الزمن كان لدي إحساس بأن نساءنا يعانين من أشكال مختلفة من العنف، و مع ذلك، كنت أظن أن الحياة هكذا.”
استخدام الأدلة للتبليغ عن الأنشطة :
نطاق العمل في محاربة ختان الإناث يتضمن رفع الوعي، الدعوة، بناء القدرات، البحث، و المشاريع المجتمعية. استخدام الإحصائيات من الاستطلاعات الوطنية حول الختان، كذلك الدراسات الطبية كان له دور فعال في لفت انتباه صانعي السياسات إلى حجم هذه الممارسة، و كان مخبراً لمن يجب أن يتم استهدافه في الحملات. هذا أدى إلى تضمين الشركاء الذكور، المسؤولين الحكوميين الرئيسيين، كذلك القادة الدينيين. علاوة على ذلك، ساعد المحتوى المتعلق بالعاملين الصحيين في صياغة بيان المجلس الطبي الذي حدد أرضاً خصبةً لاستراتيجية وزارة الصحة الاتحادية لعام 2001.
المكون متعدد القطاعات في مجموعات المناصرة :
فهم كيف ختان الإناث يجب أن يلحق بنهج متعدد القطاعات، مدد بشكل هائل نوعية المؤسسات التي تنخرط في العمل المتعلق الختان. يمكن أن يرى في كيفية تضمن مراجعة خطة عمل 2001، و تنمية الاستراتيجية الوطنية للتخلي عن كل اشكال الختان، مجموعات مختلفة مثل الشبكة السودانية لإلغاء الختان ( مجموعة من منظمات المجتمع المدني)، مؤسسات أكاديمية، خبراء قانونيين و الوزارات التنفيذية. الاستراتيجية تمت صياغتها بعد مراجعة شاملة للسياسات الموجودة، الاستطلاعات، و الدراسات، كذلك إطارات العمل القانونية على مستوى وطني، إقليمي و عالمي. على نحو متشابه، النهج الشامل استعمل في صياغة مشروع قانون الطفل الوطني لعام 2009، المادة رقم 13، و التي جرمت كل أشكال الختان. و مع ذلك، كما ذكر مسبقاً، المادة تم ازالتها بواسطة مجلس الوزراء، تتابعاً مع إصدارٍ لفتوة من قبل مجلس الفقه الإسلامي الذي نادى للتمييز بين الختان الفرعوني و الختان السني.
تغيير الشكل الثقافي :
بمرور السنين، التصور التقليدي لممارسة ختان الإناث تغير على نحو ثقافي و تشريعي. فهم هذه التغيرات و العوامل التي قادتها مهم في توقع نوعي التغيير الذي يمكن أن نراه يتبع آخر تجريمٍ للفعل.
مقال بحثي منشور مؤخراً نظر للتغيرات على الختان من زوايا عديدة. النتائج انتهت إلى أن محركات هذه التحولات الثقافية هم أكثر عرضة للتسبب بتطبيع هذا الفعل بدلاً من التخلي عنه. هذه المحركات الثقافية، كما هي معرفة في البحث، هم كالآتي:
التحول من النوع الثالث على النوع الأول ( من الفرعوني للسنة):
كما تمت مناقشته في أقسام عديدة من هذه القطعة، مناشدة الختان السني قد تزايد بشكل هائل مع مرور الوقت. هذا كان عاقبة رئيسية للتعاليم الدينية الممارسة في مختلف المحيطات، بما في ذلك الفتوة المنشورة في عام 2005 من قبل مجلس الفقه الإسلامي الذي نص على أن الختان محبب دينياً، و ثانوياً في تدخلات رفع التوعية. مقدمة فكرة أن النوع الأول محبب شجعت جماهير من الناس للاستقرار على هذا الخيار، و تدخلات رفع التوعية حفزت العوائل للسعي وراء وسائل أأمن لممارسة الختان. الصراع بين التمسك باتخاذ القرار المنطقي و الالتزامات الثقافية انتجت من أرضية وسطية: الختان السني. بالرغم من أن قسم القابلات بعدم ممارسة الختان تم تحديه من قبل العار و النبذ الاجتماعي اللذان تواجههما المرأة عند التعبير عن التحدي، كان لا يزال مربوطاً بهذا التحول في النوع الممارس. المعرفة التي حققنها بعد حلف اليمين سمحت لهن بتوفير التفسيرات في مجتمعاتهن، و هذا ساعد أيضاً في إدراك خطورة الإخصاء و تفضيل الذهاب إلى النوع الأول.
إضفاء الطابع الطبي على ختان الإناث :
هذا التحول خطير جداً و مقلق لأنه يضفي على الختان واجهة مزخرفة، و بالتالي طبيعة مستمرة. على مدى وقت طويل الختان كان ينفذ تحت أيادي النساء الأكبر سناً في العائلة، اللاتي لا يحملن أي خبرة طبية. مع ذلك، هذا الفعل شهد تحولاً ليصبح الجناة غالباً من الخبراء و القابلات. محاذير الحملات الصحية من الآثار المترتبة على ممارسة الختان زادت الخوف في الأسر، مع رفضهم للتخلي عن أحوالهم الاجتماعية كذلك تعلقهم بالممارسات التقليدية، اصبحوا مائلين لأخذ بناتهم إلى خبراء الصحة. تصور خبراء الصحة على أنهم أناس لا يمكنهم إلحاق الأذى بالناس دفع الأسر للاعتقاد أن العملية ستكون آمنة و خالية من النتائج و العواقب الصحية السلبية. متخصصو الرعاية الصحية أنفسهم ليسوا أقل اذناباً، يرتكبون الفعل مع وعيهم التام بالصورة الكاملة. لقد مالوا لتبرير هذا التصرف بالإشارة إلى الطلب العالي من الأسر التي تتطلع لختان بناتهن، و أنهم قد يلجؤون لطرق فظيعة و غير آمنة لو أنهم رفضوا. بعض القابلات عبرن عن آرائهن بأن القسم الذي وقع عليه لا يتضمن النوع الأول ( السني)، بل بوضوح يغطي النوع الثالث فقط.
تحول في عمر الختان :
التحول في ممارسة ختان الإناث من الفتيات الصغيرات إلى الأكبر سناً أصبح ملحوظاً. هذا أيضاً نتيجة للتدخلات في رفع التوعية التي كانت قادرة على الوصول لأجزاء كبيرة من السكان. كان الناس يميلون للتفكير أن الفتيات الأكبر سناً يمكن أن يكن أقل ضعفاً و هشاشةً و بالتالي يمكن أن يشفين بشكل أفضل من الإخصاء. هذا التحول، مع ذلك، ليس عالمياً، هنالك معتقد ما يزال سائداً بأن ختان الفتيات الصغيرات ” يشفي الأمراض”. بجانب حقيقة أن عامل السن يعتمد على عرق العائلة.
التعديلات القانونية ، ولاية البحر الأحمر مثال جيد :
التفكير في تجربة الولايات في السودان التي جرمت ختان الإناث يمكن أن تساعد في الوقت الراهن.
ست ولايات لديها قوانين في محلها، هؤلاء: جنوب كردفان، القضارف، جنوب دارفور، البحر الأحمر، شمال كردفان و الولاية الشمالية. منذ وقت تأييدهم، لم تكن هنالك أي معلومات عامة متوفرة لتشير إلى حالات قبض أو إجراءات محكمة فيما يتعلق بالختان. الموقف في ولاية البحر الأحمر يمكن أن ينظر إليه على نحو شامل، رؤية المنطقة معروفة بالمحافظة عندما يتعلق الأمر بمشاكل النساء. كما ذكر أعلاه، تجريمٌ مبدئي حدث في عام 2007، و لكن تصاعد الاحتجاجات بقيادة مجموعة البجا العرقية تسبب في إلغاءه. البجا يمارسون الختان النوع الثالث، و يشيرون إليه بمصطلح “كوشابي”، و الذي تعتقد المجموعة أنه يحافظ على الشرف، يبقي الأرواح الشريرة و الأمراض بعيداً، و متوافق مع الدين الإسلامي. عندما تم إعادة التجريم في عام 2011، تم اعتباره ناجحاً، و لكن الناشطين كان لديهم آراء مغايرة فيما يتعلق بتفعيل القانون.
كشفت مقابلات تم إجراءها في العام 2016 أنه لم يتم إيقاف ختان الإناث نسبة لوجود ثغور قانونية في النص القانوني . أولاً ، تم تجريم النوع الثالث من الختان فحسب . ثانياً لم تتم الإشارة إليه على أنه ” ختان ” كما لم يتم ذكر المصطلح ” كُشابي ” في أي موضع بالنص مما يمنح فرصة للتحايل على القانون . مع ذلك ، فقد نص القانون على أنه من أجل يتم تشريعه ، فلا بد أن يقوم وزير الصحة بإصدار أمر بذلك ، و هذا شيء لم يفعله طوال سنوات خدمته . و أخيراً لا يوجد بالقانون عقوبة لمن يرتكب الفعل . هذا دفع النشطاء لإصدار بيانات بخصوص كون القانون في ولاية البحر الأحمر مساومة سياسية ، تمت من أجل إرضاء كل من الحكومة و المتبرعين العالميين الذين قد استثمروا أعداداً كبيرة من الأموال في أمل أن يروا تغييراً حقيقياً .
تقوم مدافعة في ولاية البحر الأحمر بالتفسير التالي في مقابلة أجريت في العام 2016 :
” حين تم وضع قانون الطفل ، فقد شمل فقط تجريم الختان الفرعوني . كان هنالك بعض المؤيديين لتجريم كل أنواع الختان لكنهم لم يتمكنوا من إقناع جميع أعضاء المجلس حيث أن كثيراً من البرلمانيين كانوا موجودين حين المعارضة القبلية للقانون في العام 2007 . منع الختان الفرعوني هي مساومة ترضي المنظمات العالمية التي قامت بدعم المبادرة و تقوم بدعم التعليم و خدمات أخرى في الولاية ، و في نفس الوقت يضمن ذلك عدم استفزاز مشايخ القبائل ”
التصديق على المادة 141 في قانون السودان الوطني الجنائي – ما الذي يمكن توقعه ؟
التعديلات القانونية ليست جديدة على مسألة ختان الإناث ، لكن السؤال الذي نحاول الإجابة عنه هو : ما درجة فعالية هذا القانون في القضاء على الفعل ؟
بالنظر للختان ثقافيًا ، فإن هذه النقلة لا تعالج أصل المفهوم الذي يجعل ختان الإناث معضلة ، لكنه فقط يُظهر مستوى سطحياً من الوعي بخصوص تأثيراته الصحية . هذا لا يزال جيداً ، لكنه كذلك محفوف بالخطر ، إذ يشير لأنه لا يتم تحدي المعتقدات الثقافية المحيطة به . يظهر ذلك في مشكلة الكوادر الطبية التي تم الحديث عنها سابقاً . إصرار اختصاصيي الصحة على القيام بالفعل رغم أدائهم القسم ، و رغم علمهم الكلي بالمخاطر ، يؤكد أن تنفيذ القانون يعتمد بشكل كبير على الثقافة التنظيمية التي تتمتع بها كل مؤسسة صحية .
من ناحية أخرى ، يجب أن يتم طرح السؤال التالي : إلى أي مدى يمتد هذا التعديل و خطته التنفيذية في الاستجابة للمشاكل الاجتماعية المختلفة التي ترتبط بشدة بختان الإناث ؟ كما علمنا في ولاية البحر الأحمر سابقاً على سبيل المثال ، فإن المصطلحات التي تستخدم لوصف ختان الإناث لها دور كبير في تنفيذ القانون . هل يضع هذا القانون في الاعتبار الآثار الاجتماعية التي قد يواجهها فرد ما اذا قام بالتبليغ عن حالة لختان الإناث ؟ هل يدرك هذا القانون أن ختان الإناث وسيلة لكسب المال بالنسبة للقابلات ؟ هل يدرك القانون أن منع الختان بالطرق الرسمية قد يعني أن مزيداً من الفتيات سيتعرضن للختان بطرق غير آمنة ، بأيدي نساء غير متمرسات؟ هل يدرك القانون احتمالية استمرار ختان الإناث ، مع وقف المراسم الإحتفالية ، ما يعني أن ممارسته ستكون موجودة ، لكن سيكون ذلك دون إحصائيات لإدراك حجم المخاطر ؟
المصادر :
https://news.un.org/en/story/2020/05/1063122
https://bmcwomenshealth.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12905-019-0863-6
https://www.unicef.org/sudan/stories/community-trying-recover-cut-sudan
http://www.bioline.org.br/pdf?rh06024
https://saida.de/en/female-genital-mutilation/personal-stories-by-victims-and-circumcisers
https://www.unicef.org/arabic/emerg/sudan_55743.html
https://www.cmi.no/publications/6643-criminalizing-fgm-in-sudan-a-never-ending-story
https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/EndFGM.aspx
https://www.unfpa.org/news/sudan-male-partners-critical-fight-against-fgm
https://www.who.int/features/2018/female-genital-mutilation-sudan/en/
https://www.28toomany.org/static/media/uploads/Law%20Reports/sudan_law_report_v1_(july_2018).pdf
https://www.cmi.no/publications/6327-paper-tiger-law-forbidding-fgm-in-sudan