WordPress-Featured-Image2

وماذا عن بائعات الشاي؟ مقابلة مع أمونة أمين عبدالجليل

يعتبر العمال الذين ينتمون إلى القطاع غير الرسمي في السودان عمومًا عرضة للمصاعب الاقتصادية ، لأنهم يعتمدون على الدخل اليومي ، ولا يتمتعون بحقوق حماية الدولة ، بسبب عدم انتمائهم الرسمي إلى مؤسسة معينة. سيدات الشاي ، كونهن من النساء ، ونساء من الطبقة العاملة ، هن الأكثر تأثراً وسط الاضطرابات السياسية ، والوضع الاقتصادي المتدهور ، بالاضافة الى الأزمة الصحية العالمية. السكان المهمّشون بالفعل هم الأشخاص الأكثر تضرراً بشكل غير متناسب من تفشي COVID-19 ، والذي يشمل سيدات الشاي في السودان.

أجرت AMNA مقابلة مع سيدة شاي للحصول على نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير هذا التفشي على حياتها اليومية، وفي هذه المقابلة ، تشارك معك كيف تأثرت سبل عيشها ، وكيف تتعامل حتى الآن.

المقدمة والتعريف:

” اسمي امونة امين عبد الجليل، عمري 36 سنة، ساكنة العشرة مربع 1. أنا أرملة، عندي خمسة أطفال، و معاي أولاد أختي اتنين , و أخوي، و أمي، يعني ماسكة لي مسؤولية بتاعت عشرة أنفار.  

شغالة  شاي جوة حلتنا قريب من بيتنا، جمبنا في دكان بس بشتغل فوقه. في العادة كنت بمرق قريب للمغرب اقنب لغاية 11,12 بالليل لكن هسي في الوضع ده ما بقدر. شغالة بي رزق الله بس ما عندي ناس ثابتين، مرات يجوني ناس من قريب، مرات ناس من بعيد، ما معروف، و الدخل زاته مرات كدة، مرات كدة، مرات بكفي مرات لا. مشكلتي الاساسية في الشغل الاسعار الما ثابتة بتاعت المواد، الليلة كيلو السكر بي 80 جنيه، بكرة بي 150 جنيه.”

 هل أنت جزء من اتحادية أو تعاونية تعمل في القطاع الغير رسمي؟ إذا نعم، ما هي أنواع المساعدة والعون الذي يقدمونه؟

  “ما جزء من حاجة زي دي و ما عارفة عنهم حاجة ولا عن شغلهم شنو”.

ماذا تعرفين عن فيروس كورونا وكيف تحصلت على هذه المعلومات؟

“غايتو عارفة انه جا من الصين، أعراضه الكحة، و الصداع، و وجع الحلق، والحمى، ده السمعنا بيه، ياهو ولا ما ياهو؟ 

سمعنا الارشادات و طرق الوقاية و غسل اليدين ياهو من التلفزيون و الراديو الزول بقى اربعة و عشرين ساعة نضيف و عامل حسابه”

هل تطبق اجراْات الوقاية في مكان العمل؟

“الزول ينضف قلبه قبل ما ينضف جسمه….. أنا طوالي بكون مغسلة يدي لكن في موضوع تجنب التجمعات ده كيف ما امرق، كان ما طلعت اولادي موية ما بيشربوها و أكل ما بياكلوهوا. كان قعدونا جابوا لينا اكل بنقنب نقعد نرتاح زاتو، عندي اولاد أنا و واقفة عليهم أم و أب. في مكان الشغل لكن بنخالط ناس كتار و ما عارفين العنده كورونا من الما عنده لكن هم ماف ناس كتار الايامات دي”

كيف أثر الحظر على طبيعة عملك؟

        “زمن الشغل اتغير بقيت بس بشتغل في وقت محدد، زمان الزباين بالليل كانوا اكتر، الشغل هسي ما كفاية”

هل تعتقدين أن هناك عاملات في القطاع الغير رسمي يتأثرون بهذه الجائحة بدرجة أعلى من غيرهم؟ و ما هي العوامل التي تخلق هذا الاختلاف؟

“و الله ياخ بيكون ما معروف لانه في ناس بيكون معاها راجل او زوج بيصرف، و في ناس ماسكين المسؤولية براهم احنا ما جربنا الحاجة دي الا بقينا ارامل. لكن كل الناس الشغالة بي رزق اليوم وضعه متدهور الا الناس المواهيهم ثابتة”

كيف تأقلمت مع هذه التغيرات في ظل هذه الجائحة؟

” غيرت زمن شغلي ياهو بقى بالصباح و طبعا الاسعار زادت”

هل تلقيت أي نوع من العون أو المساعدة منذ بداية هذه التغييرات؟ اذا نعم، من هذه الجهات و ما الذي قدموه؟

“لالا اطلاقا مافي، لا حكومة لا منظمات. الا ناس لجان المقاومة ورونا الإرشادات لكن ما ادونا معقمات ولا جونتيات ولا كمامات، بس قالوا لينا الكلام.”

كيف تعتقد يمكن للحكومة والمنظمات مساعدتك في ظل هذه الجائحة؟

“و الله لو ادونا الأكل والشراب ما دايرين حاجة تانية، لانه معانيين احنا أنا هسي مؤجرة ايجار، بس محتاجين المواد التموينية بالزات انه رمضان جاي “

هل لديك أي رسالة تودين توجيهها للمجتمع، او ان تضيفي أي معلومة؟

“شكرا ليكم و بس عايزة أقول أنه أهم شي بالنسبة لينا حاجات العيشة بس”

photo_2020-06-02_13-39-32

ماذا عن الاتحاد التعاوني لبائعات الأطعمة و الشاي؟ مقابلة مع يسرية محمد زكريا

وفقًا لتقرير الأمم المتحدة للمرأة في ٢٠١٨ ، تشكل النساء أكثر من ٨٠٪ من العاملين في القطاع الغير منظم في السودان. تشكل النساء في القطاع غير المنظم في السودان شريحة كبيرة جدًا من المجتمع ، وتعتبر مهمشة ، بسبب عدم إمكانية وصولهن إلى الخدمات الاجتماعية ، في المقام الأول ، ومن بين العوامل الأخرى المرتبطة بطبيعة نشاطهن ، وكذلك العوامل المتعلقة بهوياتهن ، مثل الجندر والعرق.

مع إعلان الحكومة السودانية الأخير عن بدء حظر التجوال على مدار ٢٤ ساعة ، أجرت منظمة آمنة مقابلة مع أحد الأفراد الرائدات العاملات في الحفاظ على حقوق النساء وحمايتهن في القطاع غير المنظم. تزودنا في هذه المقابلة بمراجعة شاملة لوضعهم العام ، وتجربتها الشخصية مع الجمعيات المجتمعية التي تمثل العمال غير النظاميين ، و تتحدث عن وضع كوفيد-١٩ فيما يتعلق بالعاملات غير الرسميات ، سواء كن بائعات شاي ، أو بائعات أطعمة ، أو أصحاب الأعمال غير المنظمة

مقدمة: الاسم ، العمر ، العنوان ، الوظيفة ، الوضع الاجتماعي ، طبيعة العمل

“اسمي يسرية محمد زكريا عبدالله، عمري ٣٢ سنة، ساكنة ولاية الخرطوم محلية جبل أولياء منطقة مايو، متزوجة، أنا رئيسة جمعية دلو للمرأة (جمعية من جمعيات الاتحاد التعاوني لبائعات الأطعمة و الشاي) و شغالة طباخة للمناسبات.”

أخبرينا المزيد عن الاتحاد التعاوني لبائعات الأطعمة و الشاي, و أيضا عن العمل الذي تقومين به في جمعية دلو للمرأة؟

“الاتحاد التعاوني تأسس من فترة طويلة جدا، لكن تفعيل الجمعيات في الاتحاد قامت في ٢٠١٣، اتكونت ١٣ جمعية في الاتحاد، والجمعيات الموجودة في الاتحاد التعاوني ٢٦ جمعية، جمعية دلو واحدة من الجمعيات الوليدة بالاتحاد، اسسوها لينا ناس المعونة الأمريكية, في مركز مايو لتنمية المرأة عندنا مقر ثابت اسمه “دوم”، و المقر ده عبارة عن مبنى صديق للبيئة، شاركوا في البناء جامعة الخرطوم و مهندسين من دارفور و النساء الفي مايو زاتهم شاركوا في البناء، كانو شغالين عمالة بيرفعو الاسمنت و الشوالات و يلخبطو المونة.

اما جمعية دلو انا بقيت رئيستها في ٢٠١٤، حاليا الجمعية فيها مشغل, فيها طاحونة، فيها أفران، لكن بينقصنا الدعم المالي. نحنا عشان نشغل الحاجات دي، واجهتنا عدة من الصعاب و التحديات، أول حاجة مع ناس سكان المنطقة و جهات الاختصاص. الجمعية حاليا شغالين فيها برنامج تدريب، بندرب النساء في الخياطة و التطريز و صناعة المعجنات و المخبوزات و المصنوعات اليدوية زي الفازات و المطابق و الأحذية النسائية و المراكيب و الشنط و اكسسوارات الخرز، الجمعية ما شغالة في مايو بس، بنشتغل دورات تدريبية في عدة مناطق في أمدرمان و الخرطوم من ضمنها الكلاكلة و السلمة و أبو أدم، بصفتي رئيسة بشتغل في التخطيط و التنظيم للبرامج دي و بشرف على الاعلان عنها مع الامين الاعلامي، دايما بننشر ملصقات و بنتواصل مع جهات تانية زي لجان المقاومة في الأحياء و بنوريهم هدفنا شنو، و حنفيدكم كيف و انتو بتحتاجو شنو نقدمو ليكم. دايما بكون حاضرة يومي لأنو انا غير اني الرئيسة أنا برضو مدربة بدرب في المصنوعات اليدوية.”

كيف تعتقدين أن الاتحاد سهل من وضع العاملات في القطاع الغير منظم؟

“أول حاجة زمان احنا كنا بنشتغل يا في الشاي يا في الأكل, معروف بنعمل واحدة من الحاجتين ديل بس، الاتحاد التعاوني ساهم في انو احنا نكسر التنميط و بناتنا الصغار اتعلمو النجارة و الحدادة, دي حاجات حبوباتنا زمان ما بيعملوها، واحدة من أول الحاجات العملها الاتحاد بالمساهمة مع منظمة صيحة.

جمعية دلو كونها في مايو وهي منطقة كثافتها عالية جدا و فيها ناس نازحين من مناطق الحروب، و حتى الناس البتضيق بيهم سبل المعيشة بيسكنو مايو، لأنو في مايو البيت الواحد ممكن يسكنو فيهو ٦ أسر. احنا حاولنا انو الناس الفي المنطقة دي نجمعهم في جته واحدة عشان نقدر نوفر ليهم حاجة عن طريق الاتحاد و عن طريق الجمعيات.

جزو كبير اسي الواحدة بتشتغل شاي بالصباح و بترجع البيت المسا تشتغل مطابق، حتى بيعلمو أولادهم شغل المطابق لانو شغل ساهل، حتى المتشردين بنجيبهم من السوق بنوري الواحد يستحمى كويس و بنديهو ياكل، لقو الواحد داير متين يصبح عشان مكان ما هو نايم متين تجيهو واحدة من عاملاتنا من جمعية دلو تجيهو عشان توديهو البيت و تجيبو البيت و تأكلو و تشربو حاجة كويسة و يشتغل يدوهو قروش.

جمعيتنا شغالين فيها شاي و أطعمة و بنشتغل تدريب، احنا أصلا كنا شغالين شاي و أكل لمن أسسو لينا الجمعية دي قلنا نعمل تغيير، بقينا الناس الشغالة في الشاي بتشتغلو، الناس الما عندها شغل خالص و بيعانو من شدة الفقر بندرجهم في برنامج بتاع تدريب، أو الناس الشغالين الواحدة لو تعبت و اتقاعدت من العمل بتعلمها و نخليها تشتغل حاجات ساهلة بالنسبة ليها.

في مقرنا عندنا مشغل بنشتغل فيهو ديكور و تصميم و خياطة, و عندنا أفران زمان لمن كان الدقيق رخيص و الأزمة دي حصلت، كنا بنشتغل صف للنسوان و أي مرة بتجينا بنديها عيش يكفي ليها أولادها، لكن اسي لمن الدقيق غلى و ما لقينا حتة توفر لينا دقيق مدعوم و قفنا الشغل، احنا العيد لمن يجي ما عندنا واحدة من الجمعية او الناس البيجو للجمعية بيخبزو خبيز العيد في فرن جمعيتنا.

بالنسبة لي رمضان، احنا اصلا عندنا اشتراكات شهرية، الحاجة دي عند كل الجمعيات، الاشتراكات دي بنشوفها في السنة عملت كم، و بعد المراجعة القانونية بنشوف احنا محتاجين شنو، عندنا مرات بتكون واحدة مريضة بنقوم بنديها مبلغ العلاج، أي واحدة بيحصل ليها ظرف مثلا وضوع بنشوف حنساعدها بي كم, واحدة حصل ليها ظروف وفاة حنساعدها بي كم، الواحدة البتحصل ليها ظروف سفر لي حاجة مهمة حنساعدها بي كم، لو حصل ليها هي زاتها في روحها ظرف منعتها تشتغل بنقوم نطلع ليها مبلغ يعيشها الفترة دي.

اما بالنسبة للمواد التموينية، مرات بتجي حاجات مدعومة من مانحين, الحاجات دي بتتقسم بالتساوي على حسب الجمعيات و عضويتها أي جمعية بتاخد نصيب. احنا بنجي نعمل واحد من اتنين، بنشوف الزولة المحتاجة شديد أول حاجة بنخت الأيتام، لأنو الأرامل معناها هم السند و أي حاجة في بيتهم و احنا بنقيف مع الشريحة دي، بنجي ببعديها بنشوف الناس الظروفهم صعبة و بنقسم على قدرهم، بنجي بعد داك الباقي بنعممو لي كل الناس الموجودين معانا في الجمعية على حسب الحوجة، و مرات بتجي حاجات بعدد الناس كلهم و بندي المساكين الموجودين في الحلة

في عهد النظام البائد مع الكشات العاملات في القطاع الغير منظم فكرو يعملو أجسام و جمعيات صغيرة عشان تحميهم في المناطق الهم فيها, لأنو اذا في كافتيرا واحدة بيقومو ٣ أو ٤ يشتغلو، لمن يكون في كشة في حته بيقومو جري و اي واحدة بتكلم التانية عشان يحمو روحه.

بالنسبة لموضوع التأمين الصحي احنا مسجلين مع ناس الاتحاد التعاوني لبائعات الشاي و الأطعمة، لمن جات الفكرة دي أنا كنتا من الناس المشرفين على موضوع التأمين الصحي و معاي عدد من الناس، مشينا لوزيرة الرعاية الأجتماعية و قعدنا معاهم في اجتماع قالو التأمين الصحي كان مهمش لقطاعنا، و حاجات كتيرة ما كان بتوصل لينا، قمنا حظينا بفرصة انو في التأمين الصحي المرأة تكفل زوجها و أبنائها، فبتسجلي انتي كرب الأسرة -العاملة في القطاع الغير المنظم- و بيسجلو معاك أبناءك و زوجك و أبوك و أمك، و سبحان الله الموضوع لقى قبول، احنا كان عندنا نساء محرومات الحاجة دي، اسي الليلة الواحد كان حصل ليهو أي ظرف هي ولا طفلها ولا زوجها و لا أبوها ولا أمها، بتقدر تخش المستشفى و عندها تأمين صحي. التأمين مدعوم من الحكومة و جايبنو تحت اسم الاتحاد التعاوني.”

هل تعتقدين أن الاتحاد لديه قدرة وصول جيدة؟ مثلا، عدد النساء في الاتحاد ومن أي عدد من القطاعات داخل القطاع غير منظم هن ، وكيف يمكنهن الإنضمام ، وكيف يتم التأكد من أن الأعضاء من مواقع جغرافية مختلفة؟

“الاتحاد بيضم أي منطقة في الخرطوم و أي حي عندو جمعية، قبل سنتين كان عدد عضوية بائعات الأطعمة و المشروبات ٢٦ ألف، ده في الخرطوم غير الولايات, حاليا احنا منسقين و بدينا ننزل الولايات عشان نكون أجسام بتاعت جمعيات.

الجمعيات بتتقسم على مستوى ولاية الخرطوم على حسب المحليات السبعة، في أي محلية في أكتر من ١٠ أو ١٥ جمعية، بيكونو الجمعية الأم، مثلا في أمدرمان في جمعية اسمها التعاضد و المساعدة الذاتية، و في منظمات محلية و عالمية ساعدت انو يكون في مقرات ثابتة لي بائعات الأطعمة و الشاي، يلا ده أساس الجمعية الأم البيبدا يتفرع منو جمعيات تانية و بينضمو للاتحاد، بتمشي أمدرمان و الحاج يوسف و السوق الشعبي بتلقي مقر ثابت، و جمعيتنا دي برضو مقرها ثابت، الجمعيات دي أسسوها ناس و لمن المنظمات الانسانية سمعت انهم بقو بيكونو اجسام عشان يحمو نفسهم اتدخلو انو يأسسو للناس ديل مقرات ثابتة. فكرة الاتحاد اصلا بدت من بائعات الشاي و الأطعمة و المقرات دي اتعملت ليهم عشان تساعدهم. 

العضوية بتحصل بطريقتين، في ناس بيسمعو انو في جسم بيحمي نفسو و بيجو براهم يفتشو يقولو يا جماعة انا شغالة شاي في الحتة الفلانية على حسب مكانهم و موقعهم الجغرافي، بيقومو بيشيلو تلفونها و رقمهم لوطني و يشوفوها وين يسجلو ليها زيارة، و بتجي اشتراكات شهرية لمن تكوني عضوة في الاتحاد بتدفعي رسوم الاشتراك و بتتابعي معاهم في الاجتماعات. الاتحاد بالمناسبة فيهو حاجات كتيرة جدا كويسة لي ناس القطاع الغير منظم، سهل وضع المرأة بالتحديد في موقع الهامش.

الطريقة التانية، في ناس احنا بنشوفهم في المناطق القريبة من الجمعية، بنمشي ليهم بنقول ليهم احنا في الاتحاد التعاوني و احنا جمعية دلو، و بنقول ليها انتي لو بقيتي عضو في الجمعية دي حنوفر ليك الحماية، و بنوريها كل الحاجات الاحنا بنقدمها ليها، و دايما الواحدة بتوافق لأنو اصلا بتكون عانت ما فيه الكفاية، بتجي تنضما و بنوريها اشتراطات العضوية و مافي مشكلة.

انحنا قبل السقوط في العهد البائد و انا من ضمن الناس دي، كنا بنستقوى بالقبايل بيكون عندنا عمدة، العمدة بتقومي بتطلعي الرقم الوطني لو الواحدة ما عندها أب ولا أخ ولا عم، انتي بتقومي بي اسم القبيلة بتطلعي للزولة دي, ده في النظام السابق، اسي بعد الحصل احنا سعينا و قعدنا مع وزارة الرعاية الاجتماعية و قلنا انو احنا عندنا ناس ما عندهم اثبات هوية، اسي حاليا حاصرين عددهم انو يوم من الأيام حيبجيبو لينا ناس الرقم الوطني في الاتحاد التعاوني اللي هو مقرو في السوق الشعبي، حيستخرجو للناس ديل اثبات شخصية لأنو في الوقت الحالي مهم جدا انو يكون عندهم.”

هل يمكنك وصف كيف أثر الوضع الاقتصادي المتدهور على عمل ودخل العاملات في القطاع الغير منظم؟

قبل الكورونا، الدقيق ده كان بيزيد في كل الأحوال، اذا الحاجة زادت او نقصت هو بيزيد، اهما حاجة دايما احنا عندنا في الاتحاد الواحدة تشتغل الحاجة بجودة، شعارنا الجودة، انتي لمن تنتجي حاجتك او تعملي لي زول كباية شاي او عصيدة بالبلدي، او الوجبة الانتي بتقدميها للزبون بتكون متقنة و مجوداها تماما اذا قلتي ليهو الحاجات سعرها زاد انا زدتا الطلب الليلة بي ٥٠ ولا ٦٠ حيقول ليك جدا، اذا كباية الشاي دي كانت مثلا بي ٥ و انتي زدتيها ٧ او ١٠ الزبون بيقبل، ليه لانو بيكون متأكد تمام انو الحاجة دي فعلا اسعارها زايدة، و انتي الحاجة البتميزك من غيرك انك انتي متقنة الحاجة دي, ده شعار الاتحاد اهما شي الزول يتقن عملو و يجودو، الحاجة دي ما بتأثر لانو الزبون حيجيك و فعلا الحاجات زادت لكن احنا بنزيد حاجة معقولة، اذا الواحد ما عندو لازم بالعندو اديه.”

كونك منخرطًا مع عاملة غير رسمية ، هل تعتقد أن لديهم وعيًا كافيًا فيما يتعلق بالفيروس كورونا ، وإذا كان الجواب نعم ، فكيف يحصلون عادةً على هذه المعلومات؟

“والله المعلومات ما كفاية لانو الحاجات البتتوزع ما هي كفاية، الاتحاد التعاوني قبل سنتين كنا ٢٥ الف، لكن حاليا مقدرين انو فات ٤٣ الف في الخرطوم. والله نسبة الوعي بقدرها انها جيدة جدا لكن ماف الإمدادات البتسمح بتطبيق الوعي ده. 

الناس ديل ميدانيين، الحاجة الواضحة انا وصلتا ليك و وصلتا رسالتي للزولة المسؤولة في القطاع و قسمت ناسها لي قطاعات صغيرة، و الناس ديل جابو قواعدهم يشرحو ليهم عديل يعني شنو مرض كورونا و انو مرض خطير، و انتي مثلا زولة شغالة في الشاي او في الاكل، الحاجة دي لو جا زول سلم عليك حيحصل كده. طبعا الا تجبيها ليها بلغتها هي في بيئة عملها عشان تفهمك، لانو بيشوفو في التلفزيون ناس بيتكلمو ما فاهمين منهم، في ناس اصلا اللغة العربية ما بيعرفوها نهائي، احنا عندنا ناس على حسب رطانة الناس، يعني التوعية الا تكون مباشرة. التوعية الفعالة بتكون مباشرة، اجيك لحدي محلك و اكرر الكلام لحدي ما الواحدة تفهم كلامي الانا قلتو و تعيدو مرة تانية بلغتها عشان تنشر التوعية لانو ما كل الناس متعلمين و ما كلهم بيفهمو عربي و ما كلهم بيعرفو يقرو الحاجات المكتوبة.

عندنا مجموعة كبيرة من ناس الاتحاد التعاوني هم في لجان الاحياء و اصلا بيشتغلو العمل ده، ففي ناس عرفو وبدو يوعو الناس الحواليهم، في ناس عرفو بالتلفونات قالو عاملين برنامج عرفو منو، و في ناس عرفو من الراديو و في ناس عرفو من التلفزيون.”

هل تعتقدين أن النساء في القطاع غير المنظم كنا قادرة على تطبيق هذه المعلومات بشكل فعال وكيف ولماذا؟

“بالنسبة لي انهم يحمو روحهم هم بقو يداب، اول ما هم عرفو بقو عايزين يحمو روحهم لكن في حاجة ضاغطة عليهم اللي هي الظروف المعيشة، الواحدة لو قاعدة في بيتها مافي اكل، لانو مرض خطير انتي عشان تطلعي يومي تأكلي أولادك يوم، لكن انا لو قعدتا في البيت بالجوع اولادي ممكن يموتو.

والله بالنسبة للناس الاحنا وصلناهم قدرو يلتزمو باجراءات التعقيم في الشغل، و الدليل على كده الناس دي كلها بقت ما بتصافح، الواحدة بيقولو ليها السلام عليكم بتقول مرحب من بعيد، حتى في مساحة بينهم الزبون لمن يقعد وصفنا ليهم انو ما تخلو الزبون يكون قاعد مع اخوه مع بعض، خلو يكون في مساحة بيناتهم اقلاها تكون نص متر لانو مساحتك انتي القاعدة فيها ما المفروض يكون فيها زول، الحاجة دي طبقوها، كل ساعة بالمعقم الواحدة تلقيها عقمت يدينها، مسكت الكفتيرا بتعقم، مسكت الكوز من الحفاظ شرب بيهو زبون بتعقم، يعني التعقيم ده ماشي معاهم مشي كويس قدرو يحافظو على الحاجة دي.

لكن في النهاية عدد العندهم معقمات شوية، لانو في البداية احنا كان بيجونا عدد من الناس، مجموعة من الشركات كانو بيسؤلونا العبوات دي جبناها من وين، كنا بنقول ليهم احنا والله جابوها لينا ناس حجار و كانو الفين، يعني احنا عملنا البرنامج بي الفين معقم بس الصغير ده، الحاجات جابوها صابون و كمامات لكن العدد برضو بسيط ما بيكفي الناس ديل كلهم، يعني بيغطي جزو من الناس لكن ما بالمستوى المطلوب.”

كيف تؤثر سياسة حظر التجول الحالية على عمل النساء في القطاع غير المنظم؟

“احنا في الاتحاد و جمعية دلو، زمان الناس ممشية حالها الحاجات ما كانت غالية، لكن الحاجات الحصلت أسي مؤخرا زي مرض بتاع كورونا حمانا الله و اياكم اثر تأثير كبير جدا، أول حاجة احنا عندنا ناس شغالين شاي و شغالين أكل، الناس ديل بيشتغلو للنوادي و لي المؤسسات قام تما ايقافهم من العمل، البلبلة الحاصلة اسي اليومين ديل انو الناس ديل اسي بعد وقفوها حتى الواحدة الشغالة رزق اليوم باليوم بتمشي الصباح تقول لي أولادها افطرو و اتغدو العشا بجيبو ليكم معاي اللبن، و بتمشي الشغل، النسوان ديل ما كل واحدة عندها مبلغ يكفيها اسبوع, الحاجة دي كلها بترجع للميزانية بتاعت الام لانو بتلقي الاب ما موجود، في نساء بتلقي الواحدة تقول انا ١٠ ولا ١٤ سنة اولادي ما بعرف اخليهم، واحدة مثلا تقول ليك انا اولادي ربيتهم أيتام، واحدة بتقول ليك انا اصلا ما عندي اولاد لكن ديل اولاد اختي ايتام انا برضو مربياهم، يعني بيختلفو في الحالة الاجتماعية بالتحديد، الناس ديل الواحدة لو قعدت يوم واحد بيأثر, لأنو هي الركيزة بتاعت البيت و هي المحرك الاساسي للاسرة فالحاجة دي صعبة جدا بالمناسبة، و بعد ده الناس بتحاول بتقول لو لقينا الجهة البتدعمنا اسي بنقيف، و اذا ما لقينا لي سلامة أولادنا برضو نحنا حنقيف، ده بالنسبة لل٣ اسابيع الجاية.

بالنسبة لحظر التجول السابق البينتهي الساعة ٦، اصلا احنا ناس الشاي و الأكل ديل بنشتغل دوامين، دوام صباح و دوام مسا، فالناس الأتأثرو اكتر ناس الفترة المسائية، لكن احنا عملنا صندوق الأمان ده، بتلقي الواحدة شغالة يومين بتديكي يوم واحد تشتغلي لانو بتلقي في نفس الصندوق شغالين نفرين في الجتة الواحدة عشان يشيلو بعض، يعني ما الواحدة كان عرفتا دي ما شغالة بتخليها لأ، بتشيل أختها لأنها عارفة هي برضو ظروفها شنو و وضعها.

ناس الصباح اسي برضو واجهتهم مشكلة الواحدة بتقول ليك الزباين الواحد بقى ما بيجي ياكل بيقول ليك الاختلاط مشكلة, حسي يعني هم زاتهم اتأثرو بالحاجة دي.

لمن اسي النسوان ديل وقفو، جانا خطاب من مجلس السيادة من عائشة موسى قالو لينا احصرو عدد بائعات الشاي ديل كم احنا حنديهم مواد تموينية و مبالغ مالية.”

اشرحي لنا ما إذا كنت تعتقدين أن بعض العاملات في القطاع غير المنظم يتأثرون بهذا الوضع أكثر من البعض الأخر، و لماذا؟

“احنا عندنا في القطاع في ناس شغلهم موسع زي ما قلتا ليك، تكون شغالة شغل الشاي و حاجة تانية، دي بتقدر تساعد روحها في الوضع الحالي، لكن الزولة الشغالة بس شاي و أكل الليلة اذا ما مشت بكرة أولادها ما بياكلو, فالشريحة دي بتضرر أكتر، لأنو انا ممكن اشتغل بس الليلة شاي القروش الجبتها دي بطلع منها موادي التموينية و أدي منها أولادي مصاريف، فالليلة كان شغلي وقف بكرة أولادي ما بيلقو وجبة، ناس شغل اليوم باليوم ديل هم الغالبية، يعني الناس العندهم شغل اضافي ثابت ما بيصلو الفين، لمن الغالبية الكم و ٤٠ الف ديل شغالين شاي و أكل، و ديل هم البيتضررو بطريقة ما عادية.”

كيف تعتقدين أن العاملات في القطاع غير المنظم تكيفن أو تأقلمن مع هذا الوضع؟

“اول حاجة احنا فاهمين حكاية انو المرض ده مرض خطير جدا، دي الحاجة الأولى الاحنا وقفنا فيها، حاولنا نقتنع انو فعلا في مرض والمرض ده فتاك يعني انا عشان احمي اسرتي افضل لي انو انا اقلل المخاطر و ما اطلع من البيت، و ما امرق عشان ما انقل العدوى لي زولي القاعد في البيت هنا.

اتنين, الحاجات يعني في جهات تانية اسي قبل كم يوم، الاتحاد طلعو مبلغ مالي لي الناس المرضانيين، عندك طفل مريض عندك زول مريض احنا بنكفلو و ندعمك بي مبلغ بسيط عشان تقدري توفري احتياجاتو المرضية زي الدربات و الأدوية.

الناس اسي بتفتش لي حلول و جهات توفر لينا الحاجات الأساسية بالذات في موضوع الصحة عشان نلقى ناس يقيفو لينا في موضوع الأدوية، و اسي مع ناس الرعاية الاجتماعية عندنا كان حصر أخر يوم للرعاية الاجتماعية، سلمتا كشوفات فيها الأرقام الوطنية، قالو لينا احنا في الايامات الجاية دي بنعالج ليكم مشكلة المواد التموينية، و برضو منتظرينهم.”

كيف الاتحاد التعاوني أو الجمعية التي انتي جزء منها تشارك في مساعدة العاملات في القطاع غير المنظم وسط هذا الوباء؟

“احنا اشتغلنا التوعية مع استاذة عوضية كوكو قبل شهر و ما خلينا حته في الخرطوم دي احنا ما وصلناها بي معقماتنا و الحاجة دي كان جابوها لينا ناس شركة حجار، بدينا نوعي و نحصر في عدد البائعات, جبنا قرابة ال١٠ ألف، ديل الناس الاحنا وصلناهم وصول مباشر ده غير الاصلا عندنا في الاتحاد، الناس دي وقفت من الشغل و حسبنا اسمائهم و اديناهم، و لحدي الان كل مرة بيقولو لينا في اليوميين الجايات ديل او احتمال الاسبوع الجاي ده احنا ان  شاء الله نرسل للناس ديل حاجاتهم، الامور كلها جاهزة لكن حاجة ما وصلتهم، والله انا لو جيتي هنا بيتي من الصباح لحدي المسا ما بتصوري، بيجوني اكتر من ٥٠٠ بيقولو لي يا يسرية اها الناس ديل وقفو و وقفونا ناكل من وين، والله الواحدة لو شادة بليلة في البيت تدي اختها عشان تدي أولادها، يعني ما بتتصورو الوضع صعب لدرجة بعيدة جدا.

ياهو شغل التوعية و المعقمات و الكمامات بصفة عامة و في ناس جابو قروش بس ياها بسيطة جدا ما اكتر من ١٠٠ مليون، وياهو بندي الناس للعلاج الف جنيه الفين تلاتة، جزو صغير من الناس غطت شريحة بسيطة جدا.”

هل تعرفين أي جهات أو مؤسسات آخرى قدمت أي نوع من الدعم للعاملات في القطاع غير المنظم خلال هذا الوباء؟ إذا كانت الإجابة نعم ، فمن هم وكيف ساعدوهم؟

“مؤسسة قطر، و خالتي عوضية طبعا لمن يكون في حاجة بتبلغ طوالي، بلغت ناس المجلس السيادي و دخلت الناس ديل في الصورة، لانو كان في قروش طلعت و حاجات قالت نخت فوقها حاجات المجلس السيادي عشان تعمل تغطية أوسع. ناس حجار بداية الكورونا قالو لينا تعالو عندنا معقمات اشتغلو، يعني ده كان موضوع التوعية ده منظمات و جمعيات ما كان لسه الناس غندها خلفية كبيرة عنو، و ناس صابون تيتل كانو شغالين توعية و بيرسلو للناس صابون غسيل و صابون حمام.”

في الوقت الحالي ، كيف تعتقدين أن المجتمع المدني أو القطاع الخاص أو الحكومة يمكن أن يساعدوا في تخفيف الوضع بالنسبة للعاملات في القطاع غير المنظم في وسط الأحداث الجارية؟

“والله بس في حاجتين، انحنا قطاعنا ده يعتبر انو اكبر شريحة، الحكومة دي اذا بس وفرت المواد التموينية الاساسية للناس ديل بيمشو بيها حالهم، يعني اقلا حاجة الواحدة ممكن يومها تقضيهو، بس عايزين مواد تموينية.” 

ما هي الرسالة التي تودين إرسالها إلى المجتمع ، وهل هناك أي شيء آخر تودين إضافته.

“انا برسل رسالة للمجتمع و بقول انو الحكومة وقت عرفت انو في جهات و بالمناسبة الاتحادات دي كلها اتلغت دي حاجة انا حا اقولها، خلو الاتحاد التعاوني النسوي ليه لانو لقوهو اكبر شريحة، كان الاتحاد حيتحلى لكن جا خطاب من مجلس الوزراء انو يستثنو الاتحاد التعاوني لانو لقو الناس ديل شغالين و اكبر شريحة في المجتمع. و كان حتتكون لجنة جديدة لكن رجعو أستاذة عوضية. لانو ما عندنا انتماء سياسي. سياسة الاتحاد انو يكون ما مسيس، الاعضاء في روحكم ممكن تتسيسو لكن ما ممكن تقولي انو الاتحاد كده، لانو الاتحاد حاجة عامة و حاجة انسانية بتخدم كل شرايح المجتمع ما بتفرق لا بالعرق لا بالدين.

بالنسبة لي مجتمعنا احنا ناس القطاع الغير منظم، انا بقول اي واحدة بائعة شاي أو أطعمة أو شغالية أي حاجة انتي البتصنعيها لمن يكون في خطر انتي راعي للخطر الجاي و راعي لي اسرتك الانتي بتعوليها و شوفي انتي لو طلعتي الشارع في الوقت الحالي في جائحة كورونا، شوفي انتي بتخسري كم وراك، انتي بتخسري نفسك، و بتخسري أولادك و بتخسري مجتمعك و حتى جيرانك، و الحته الانتي قاعدة فيها كلها ممكن تسببي ليها ضرر، انا بقول اي واحدة رب العالمين قادر على انو يعيشنا و قادر على انو يسهل لينا حياتنا، و ربنا بيقول شنو

“ما خلقت الانس و الجن الا ليعبدون”

اذا احنا قعدنا في بيوتنا و اتضرعنا لي الله سبحانه و تعالى رزقنا بيجينا، يعني احنا في المرض الواحد ما يطلع الشارع, يمشي يقيف في صف العيش يجيب معاهو بلاوي، التلاتة اسابيع ما كتيرة، صبرنا كتير انحنا ٣٠ سنة صابرين، و الوقت الفي القيادة كنا صابرين و شغالين، اسي احنا ال٣ اسابيع دي احتمال جاتنا راحة، يكون ده امتحان من الله سبحانه و تعالى، ما علينا احنا الا نصبر و نقعد.

blackmail4

الابتزاز ، الابتزاز الجنسي و التهديد: الاختلافات

العالم الرقمي اليوم، يعد من أكثر وسائل التواصل رواجاً، حيث يستعمله الناس في الكثير من الأماكن المختلفة، أداة قلصت المسافات بين البشرية و سهلت المهام اليومية. من ناحية أخرى، وفرت أرضاً خصبةً لإنتشار السلوكيات و الأفعال العدائية . العنف على الإنترنت يختلف في مظاهره و نماذجه، مع ذلك، سأتناول في هذه المقالة و أشرح ثلاثةً من أكثر المواقف شيوعاً على مواقع التواصل الإجتماعي هذه الأيام، Blackmailing, extortion and sextortion. 

ال blackmailing و ال extortion يتم دائماً الخلط بينهما كونهما مرادفان للإبتزاز، وبالتالي يتم استخدامهما بالتبادل وهذا لا يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة.  بالنسبة للمبتدئين ، يشير إلى شكل السرقة التي تحدث عندما يحصل الجاني على أموال أو ممتلكات أو خدمات من شخص آخر من خلال الإكراه ؛ يتراوح “الإكراه” من الاعتداء الجسدي إلى التهديدات الكلامية للضرر في المستقبل.  ولإضفاء مزيد من السياق على هذا الفعل ، دعونا ننظر إلى الابتزاز الذي يستهدف النساء ، على كل من المنصات المتصلة بالإنترنت و غير المتصلة. غالباً ما تُعزى هذه الأفعال إلى اختلال توازن القوى الذي يبنيه المجتمع بين الرجل والمرأة.  وهذا يوفر المزيد من أساليب التخويف التي يمكن للجاني استخدامها ضد الضحية.  

ال blackmailing من ناحية أخرى، يمكن تعريفه بأنه فعل الإكراه بإستعمال التهديد بفضح او إفشاء معلومات عن شخص أو مجموعة من الناس سواء أكانت صحيحة في جوهرها أو خاطئة، للوصول لمطالب معينة. هذه المعلومات في الغالب تكون مضرة بضحية الإبتزاز، كتشويه صورة الضحية او تجريمها، مع الأخذ في الإعتبار أن معظم حالات أفعال الإبتزاز تكون بوسائل غير مادية. هذا يجعلنا نضع خطاً بين ال blackmailing و ال extortion، الاختلاف بينهما يتضح في مفهوم إفشاء المعلومات كشكل من أشكال التهديد للضحية للحصول على أشياء ضد إرادتهم. لذا يمكننا أن نقول أن ال blackmailing هو شكل من أشكال ال extortion، الذي يمتلك طرقاً أضيق للتهديد. مجدداً، لا يمكننا إلا أن نتسائل لماذا تكون النساء الفتيات أكثرعرضةً لهذه الأنواع من الإنتهاكات؟ أظن أن فكرة “الشرف” هي المحرك وراء تعرض النساء لهكذا تعديات، هي أيضاً المحرك و الدافع ليس فقط لإرتكاب الإنتهاك، بل أيضاً توفير الحماية للمرتكب. 

أهمية “الشرف” في هذا السياق تنبع من حقيقة أن مسؤولية حماية و رفع شرف العائلة إجتماعياً تعود لنساء العائلة و كيفية حملهن لهذا الشرف في إدارة حياتهن. إن وضع هذا العبء غير المبرر على النساء يجعله تلقائيًا من مسؤوليتها حماية سمعة أسرتها ووضعها الاجتماعي ، وبالتالي في حالة تعرض أي من هذه الأشياء للخطر ، فهي أول شخص يتحمل المسؤولية فقط. هذا يعطينا نظرة ثاقبة لماذا النساء عرضة بشكل خاص للسقوط فريسة لهذه التجاوزات الشريرة.  عندما يدرك مرتكب الجريمة أن أعماله العدوانية تعني القليل جدًا عندما يتعلق الأمر بالشرف ، ومن ثم يتم إلقاء اللوم تلقائيًا على المرأة ، لن يتم تشجيع الجاني على الاستمرار في تنفيذ هذه الأفعال فحسب ، بل سيكون لديه أيضًا سبب ضعيف جدًا للإمتناع عن ارتكاب مثل هذا الانتهاك لأنه لا يوجد أي شكل من أشكال الردع في مكان ما لمنعهم. علاوة على ذلك ، ونظراً للدور الكبير الذي يلعبه “الشرف” في هذه الجريمة ، فإنه يصبح علاقة أحادية الجانب لا تلعب فيها الضحية أي دور وتتحمل كل اللوم والعواقب.  لا يقتصر تأثير “الشرف” على جعل النساء عرضة للسقوط كضحايا لمثل هذه الجرائم الشريرة، ولكنه يمتد إلى إضعاف قدرتهن على الدفاع عن أنفسهن والحصول على الانتقام الذي يستحقنه. في المجتمعات المحافظة عندما تقع امرأة ضحية لمثل هذه الأفعال ، يتم تجريمها على الفور وتجريدها من مصلحة الشك وأي حق في الدفاع عن نفسها و إعطاء جزءها من القصة. ديناميكية لوم الضحية تخرج للسطح عندما يتعلق الأمر بفضح حياة المرأة الخاصة، و تشجع المنتهكين ليس فقط على الإنغماس في هذه التصرفات، بل لتصل بهم أن يحيكوا قصصاً غير حقيقية عن ضحاياهم لإبتزازهم مع معرفتهم أنهم لن يتعرضوا لأي شكل من أشكال إنعكاس الموقف ضدهم. 

أخيرًا ، هناك نوع من الإبتزاز (sextortion) ، يتم تعريفه على أنه شكل من أشكال الاباحية التي تنتقم من الإكراه تستخدم أشكالا غير مادية من الإكراه لابتزاز المحاباة الجنسية من الضحية. نشأ أول استخدام لمصطلح sextortion في أوائل الخمسينيات في ولاية كاليفورنيا.  منذ ذلك الحين ، أصبحت جريمة شائعة للغاية ووسائل للمضايقة عبر الإنترنت بسبب التقدم في منصات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. هنا ، يمكننا القول أن الفائدة التي يسعى إليها الجاني ، هي مصلحة جنسية. ينبع معظمها من جانبين ، إساءة استخدام السلطة والاستغلال الجنسي.  يمكن توضيح إساءة استخدام السلطة عندما يكون للجاني نوع من السلطة على الضحية ، وبالتالي يستفيد من ذلك من خلال جعل الضحية تلتزم بمطالبه. الاستغلال الجنسي هو عندما يهدد الجاني بالكشف عن مواد خاصة أو حميمة للضحية إذا لم تلب مطالبه. يحدث هذا في الغالب للنساء ، وفي كثير من الحالات من شركائهن السابقين الحميمين ، فإنه يكرر فكرة الشرف وكيف ستكون الضحية سريعةً في الإلتزام خوفًا من الكشف عن هذا النوع من المواد.إن ما يفاقم فعل الإبتزاز الجنسي هو أنه مستديم ذاتياً، إذا استسلمت ضحية الإبتزاز لأداء خدمة جنسية ، بشكل منتظم أو حتى مرة واحدة ، فإن الجاني سوف يكون حريصًا على استخدام ذلك كوسيلة للحفاظ على هذه الأفعال عن طريق التهديد بالكشف عن أن الضحية شاركت في هذا النوع من النشاط معه. 

ومن ثم يمكننا أن نختتم بالقول إن من الأهمية بمكان أن تقوم الضحية بتثقيف نفسها بهذه المصطلحات ومعرفة الفروق الدقيقة في كل فكرة.إن معرفة طبيعة التهديد هي الخطوة الأولى للدفاع عن النفس والحصول على العدالة المستحقة. ومع ذلك ، فإن عبء مكافحة هذه الظواهر الضارة للغاية لا يقع على عاتق الضحايا وحدهم ، بل علينا جميعًا كأفراد المجتمع. نحتاج أن نعترف بأن المعتقدات المقدسة التي نتمسك بها بشدة، يمكن أن تكون ضارة في بعض الأحيان لمجموعة كبيرة منا ، وأننا في بعض الأحيان نحتاج إلى التحلي بالمرونة والانفتاح لإعادة تقييم المبادئ التي تكمن وراء أفعالنا. علينا نحن كمجتمع مساعدة وحماية ضحايانا وعدم كبتهم وإسكاتهم بالخجل والوصم. علينا معاقبة الجاني الحقيقي بدلاً من تشجيعه بإلقاء اللوم على الضحية. 

AMNAHorizontalOverDarkColorsback

العنف أثناء عملية الولادة

من خلال صفعك لها ، ستعرف المريضة أنك حقا تهتمين بأمرها


من دراسة نوعية حول المعايير الاجتماعية و مدى تقبل إساءة معاملة النساء أثناء الولادة في أبوجا ، نيجيريا

بالنسبة للعديد من النساء ، ترتبط فترة الولادة بالمعاناة والألم والإذلال والانتهاك وحتى الموت. نعم يتم انتهاك النساء في غرف الولادة. قد يكون الأمر مروعًا ، لكنه يحدث. يعد العنف التوليدي أحد أنواع العنف ضد المرأة. حيث يمكن أن تتعرض النساء أثناء الولادة لأنواع مختلفة من العنف، مثل عدم احترامهن، والإهانات اللفظية، والعنف الجسدي، والتمييز على أساس العرق  والحالة الاجتماعية-الاقتصادية و العمر وغير ذلك. الإجراءات الطبية القسرية (مثل العمليات القيصرية غير الضرورية أو فحص الفرج أو الفرج المهبلي) أو ان يحتجزن في مرافق بسبب عدم دفع المال هي أشكال أخرى من العنف التوليدي. لسوء الحظ، فهذه بعض انواع العنف ضد المرأة التي يتم اهمالها. ما يعقد القضية بشكل اكبر هو نقص المعلومات والوعي، مما يجعل من الصعب منع هذا النوع من العنف والقضاء عليه.

العنف التوليدي هو تقاطع بين عوامل مختلفة. تلعب الأعراف الاجتماعية دوراً هاماً في قبول العنف ضد المرأة، وعادة ما تظل النساء صامتات حول العنف الذي يواجهنه في المستشفيات لأنهن يعتبرنه “طبيعياً”. ويرجع ذلك إلى الصورة النمطية لكيفية كون القابلات فظات وعنيفات. كما أن الصراخ أو الضرب من قبل القابلة أمر طبيعي ولا يتحدث عنه أحد عادةً. بالإضافة إلى ذلك ، فإن النساء يجهلن حقوقهن كمرضى. ومن ناحية أخرى ، فإن صمت النساء عن تجاربهن وجهلهن بحقوقهن يمنح الطاقم الطبي، وخاصة القابلات، فرصة أكبر للإساءة. وبالمثل ، فإن قبول المرأة السلبي لسوء المعاملة والعنف من قبل العاملين الصحيين، يمكن تعزيزه من خلال الأعراف الاجتماعية في المجتمعات الأبوية. أي أن طاعة المرأة للرجال في المجتمعات الأبوية قد تؤثر أيضًا على تصوراتهم حول تفاعلاتهم مع الأشخاص الآخرين الذين يعتبرون “متفوقين” عنهم، مثل مقدمي الرعاية الصحية، حتى لو كان مقدم الرعاية أنثى. ودعونا لا ننسى أن بعض الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية الآخرين يعملون في البيئات السيئة والمستشفيات المكتظة مع عدم كفاية الموظفين. فبالتالي، الأمر يؤثر على العلاقة بين المريض والطبيب، حيث لا يستطيع الطبيب تزويد المريض بالرعاية والعلاج الذي يحتاجه.

يجب أن تعمل المنظمات والمبادرات غير الحكومية على الدعوة والتوعية وتشجيع وتعزيز الإجراءات نحو الوعي والعمل داخل المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، أن يكون العمل على العنف التوليدي وفقا للظروف ، مع الأخذ في الاعتبار الأطر المحلية والثقافية والدينية والقانونية. كما ينبغي على المنظمات غير الحكومية والمبادرات أن تشمل و تعزز و ترفع الوعي بحقوق الصحة الجنسية والإنجابية داخل المدارس، لا سيما بين الفتيات الشابات المعرضات لمخاطر الزواج المبكر. من الأهمية بمكان رفع الوعي حول العنف التوليدي وجعله ملاحظا بشكل اكبر حتى ينتهي كأحد أشكال العنف ضد المرأة. فهم الأسباب الكامنة وراء العنف التوليدي أمر ضروري أيضا للقضاء عليه من الجذور.

AMNAHorizontalOverDarkColorsback

المبررات و الاسباب اللتي تجعل المجتمع يتقبل العنف ضد المرأة

يعتبر العنف ضد المراة أحد أهم القضايا التي تشغل اي مجتمع و ان كان بصورة متباينة بين مختلف المجتمعات. و يظهر التباين ايضا في تقبل و رفض تلك المجتمعات لهذه القضية و حجم متطلبات القضية. يعتبر الوعي و الإدراك بمفهوم العنف و أشكاله أحد اهم الفواصل بين التقبل و الرفض . في المجتمع السوداني و بالرغم من وجود قوانين و منظمات رافضة للعنف المباشر ذو الشكل الجسدي الواضح (مثل الضرب المبرح و الختان و غيره)  ضد المرأة الا ان هنالك اشكالا لازالت تمارس و وجدت آراء متقبلة.

سياق عدم المساواة الحاد في كل من النواحي الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية أدى بشكل مباشر لخلق فجوة بين مفهوم العنف و شكله. أحد أهم العوامل الذي ساعد في توسع هذه الفجوة هو قلة البيانات اللتي توضح انواع العنف الممارس في المجتمعات السودانية، و نشر الوعى بصورة تعطي كل شكل الاهمية المناسبة للحد من هذه الظواهر. فنجد مثلا ختان الاناث و زواج القاصرات احد اهم اشكال العنف الممارس على المراة السودانية، فزيادة حملات الوعي ادى الى خفض نسبة ممارسة الختان و زواج القاصرات. و لكن نجد مثلا الاغتصاب الزوجي و الضرب و حتى بعض القوانين لا تدرج تحت بنود حملات الوعي من المنظمات الاجتماعية، فنجد تركيز العمل على أشكال دون غيرها. كل هذا أدى إلى حصر مفهوم العنف ضد المرأة في أشكال قد تكون هي الأكثر عنفاً و انتشاراً و لكنها ليست الوحيدة. فهنالك مجتمعات لا تمارس هذه الاشكال و لكنها تمارس عنف من نوع آخر مثل التحرش الجسدي و اللفظي و الاغتصاب داخل اطار الزوجية او الاسرة. و حتى بعض القوانين و سياسيات الدولة، فلا زال هنالك وصمة عار تلاحق المرأة في معظم ممارساتها مما يبيح للمجتمع فرض عقاب عليها بحجة العادات و التقاليد التي فرضت تلك الوصمة الاجتماعية، و التعرض العنيف ضد المرأة في حال اتخاذها اي خطوة مضادة.

من اهم مظاهر العنف التي تمارس بصورة قانونية ضد المرأة هو قانون النظام العام. فبالرغم من كونه قانون يشجع العنف ضد المرأة إلا انه يجد قبول من بعض الفئات المجتمعية التي هي بعينها تمارس هذا النوع من التسلط و تتخذ مثل اجراء “الجلد” في حال خالفت المرأة أعراف هذه المجتمعات. و هذا أحد أهم الأسباب التي تجعل مثل هذه القوانين سائرة حتى وقتنا هذا. و قد تجد بعض الأفراد الذين يساندون هذه القوانين بحجة الأعراف الدينية و الاجتماعية، و حتى أن بعض النساء تقبلن هذه الظواهر كإستجابة للتقبل من المجتمع و الاندماج دون مخاطرة بالنبذ او الرد العنيف من المجتمع.

يوجد اكثر من 20 قانون سوداني ضد المرأة و تعتبر قوانين تمييزية سواء في قانون الاحوال الشخصية او القوانين الجنائية، و نجدها ارتكزت و اخذت قوتها كونها مبنية على اعراف و تقاليد هي في حد ذاتها تعتبر عنف ضد المرأة. و هذا يبرر مساندة المجتمع لمثل هذه القوانين و تعرض الضحايا لوصمة عار عنيفة في حال تمت معارضة اي من هذه الاعراف. اما داخل نطاق الاسرة فنجد السكوت و عدم التبليغ هو المعهود، اما اتخاذ اي اجراء ضد المعنِف قليل او النماذج تكاد تكون منعدمة. وهذا من ضرب لاي فرد من افراد الاسرة او حتى الاغتصاب الزوجي. و عدم نشر الوعي الكافي بجميع اشكال العنف الممارس و حصر البيانات ادى الى عدم ادراج بعض الممارسات داخل نطاق الاسرة تحت تعريف العنف. يتم تحويل الضحية من كونها ضحية الى جاني يستوجب العقاب في حال مارست المرأة احد الممارسات اللتي تنافي العادات و التقاليد. ادى ذلك أيضاً لتقبل المرأة لبعض انواع العنف خوفا من الوصم الاجتماعي، ففي بعض الحالات يتم الابتزاز العاطفي من طرف المعنِف لجعل المرأة اكثر تقبلا لبعض الممارسات اللتي تمارس ضدها.

يعتبر القانون السوداني مجحفاً بحق المرأة و يرتكز على الاعراف التي هي بالاساس ضد الحريات و مشجعة للعنف ضد المرأة، لهذا أدى غياب الرادع القانوني الذي يحفظ للمرأة حقها و كرامتها إلى ثبات تلك الممارسات في المجتمعات السودانية و إعطاء العديد من الممارسات العنيفة طابع اعتيادي غير قابل للتشكيك.

AMNAHorizontalOverDarkColorsback

قصة آمنة

يقوم العالم اليوم بخلق منصات جديدة للنساء لاستخدام أصواتهن والوعي أكثر بحقوقهن ؛ مما يساعدهن على إعادة رسم الحدود وفتح الحوار غير المريح الذي يُناقش فقط داخل مجتمعات النساء. تحيط حركة #MeToo أحد أكبر النقاشات التي تحدث في جميع أنحاء العالم. فهي حركة ضد التحرش والاعتداء الجنسي على النساء. و كانت هذه الحركة بمثابة رسالة قوية من النساء للتقدم و الاتحاد ضد الاعتداء الجنسي، ولبدء عهد جديد من المساواة. لم تكن النساء السودانيات بعيدات عن هذا الحوار.

تمكين المرأة كان من تخصصات المنظمات الكبرى في السابق، و لكننا نرى العديد من المبادرات الشبابية الجديدة على المسرح. تعمل هذه المنظمات و المبادرات الجديدة على تمكين المرأة وبناء القدرات، وتشجّع النساء على الدفاع بثقة عن حقوقهن، والتعبير عن حقيقتهن وبناء مجتمعات يمكن أن يعملن فيها معاً لحل مشاكلهن ومشاركة أفكارهن. تأسست منظمة “آمنة” لدعم النساء وتوفير بيئة آمِنة ليتبادلن القصص حول التحرش الجنسي وردود الفعل العنيفة الناتجة من خوض التجارب المماثلة الأخرى. كلمة “آمنة” باللغة العربية تعني “أنها بأمان”.  وتستضيف آمنة محادثات لمناقشة حقوق المرأة والنسوية. تأسست المنظمة من قبل منيرة ياسين، خريجة اقتصاد حديثة وناشطة في مجال حقوق المرأة و الأعمال الاجتماعية. ركزت منيرة في عملها على تحديد سبل حل الصعوبات و استكشاف مجالات مختلفة قبل أن تقوم بتأسيس IECRC (فرع البحوث المجتمعية للابتكار وريادة الأعمال) لدعم رواد الأعمال في السودان. مثلت السودان في العديد من القمم بما في ذلك قمة المعرفة في دبي وقمة أفريقيا في المغرب. أمضت منيرة أيضًا خمسة أسابيع في دراسة ريادة الأعمال الاجتماعية في جامعة ولاية كاليفورنيا. وهي خريجة برنامج قيادة الشباب التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وزميلة في جامعة ستانفورد في AMENDS (الشبكة الأمريكية الشرق أوسطية للحوار). منيرة هي أيضا مرشدة مع شبكة YLP في المنطقة العربية. لفهم دور آمنة والبرامج المختلفة التي تديرها، كان لدينا محادثة مع مؤسستها منيرة ياسين.

أندريا: ما هو مصدر إلهام تأسيس آمنة؟

منيرة ياسين: خلال حملة الأمم المتحدة للمرأة التي استمرت 16 يوماً لإنهاء العنف ضد المرأة في عام 2017 ، استخدمت تطبيق صراحة (موقع للمراسلة بشكل مجهول) طالبة من النساء على منصات التواصل الاجتماعية مشاركة تجاربهن مع العنف. عندما قمت بشاركة قصصهن لمتابعي حسابي، تعرضت للمضايقة من قبل الناس الذين تسائلوا عن مصداقية هذه القصص. في تلك اللحظة أدركت أن عدم المساواة بين الجنسين ليست مجرد قضية سلوكية، بل هو وباء سيؤثر في النهاية على تنمية البلاد، ولهذا السبب قمت بتأسيس آمنة – منظمة يقودها الشباب.

في آمنة نتحدى ونهدف إلى تغيير التفكير والإجراءات والسياسات التي تسهم في العنف ضد المرأة وعدم المساواة بين الجنسين. باستخدام أدوات مبتكرة وجذابة، نحاول معالجة وتغيير المواقف التي تجعل العنف ضد المرأة أمراً ممكنًا. وهذا يعني بناء قدرة المجتمعات المحلية على الإستجابة للعنف القائم على نوع الجنس في السياق المحلي. مما يعني أيضا تمكين النساء والفتيات من خلال التعليم والصحة وفرص كسب الرزق. نخطط لدعم النساء حتى يُعبِّرن عن حقوقهن. و من المهم جدا إشراك الرجال والفتيان في كسر دائرة العنف.

آمنة من كلمة “أمن” في اللغة العربية، وهي أيضًا اسم مؤنث. لقد خلقت شخصية حول المبادرة، حيث تمثل آمنة أي فتاة سودانية واجهت العنف. هدفنا هو جعل أي فتاة سودانية آمنة، كتجريد للأمل.  شعار آمنة هو طائر العنقاء و الذي تم رسمه ككلمة آمنة بالحروف العربية. اخترنا طائر العنقاء كرمز لأنه يمثل قوة الأنثى، وقدرتها على التحمل لكل الصعوبات و العنف و العدوان المتسبب في ألمها، حارقا بذلك دواخلها. عليها أن تدرك أنها – كطائر العنقاء المجيد – سوف تصبح أقوى من أي وقت مضى.

أندريا: ما هي بعض القضايا الرئيسية التي تتطرق لها منظمة آمنة؟

منيرة ياسين: أؤمن بأن عدم المساواة بين الجنسين هي قضية حرجة ومتنامية يواجهها عالمنا. إنها ليست مجرد قضية منتشرة كما تصورها وسائل التواصل هذه الأيام، فالمحاور حول عدم المساواة بين الجنسين قد أعمت المجتمعات من النظر في المشكلة على حقيقتها. بالنسبة لي، ولدت في مجتمع يواجه فيه المرء التمييز بناء على  نوع الجنس، والتوجه الجنسي و معتقداتك و أفكارك. كونك امرأة فهذا أحد أصعب الأمور في هذه المجتمعات. منذ اليوم الأول في حياتك تواجهين كل أنواع العنف، من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، و زواج القاصرات، و الاستغلال الاقتصادي، الخ. كنت محظوظة بأن أكون مولودة في أسرة داعمة نجحت في تشكيلي كامرأة قوية ، لكن الأمور ليست هي نفسها خارج اطار منزلي. أواجه العنف والتمييز في الشوارع ومكان العمل و الكلية وفي كل مكان أذهب إليه تقريبًا. وقد ألهمني هذا للمشاركة في حملة الأمم المتحدة للمرأة التي استغرقت 16 يومًا، و من هناك بدأ كل شيء.

أندريا: ما هي الأنشطة والإنجازات الأساسية لكم حتى الآن؟

منيرة ياسين: نعمل على رفع الوعي حول خطر العنف ضد المرأة، و تسليط الضوء على تواجد هذه المشكلة في مجتمعنا. نقوم ببحوث لجمع البيانات عن السودان، وتنظيم ورش عمل لتدريب الشباب على كيفية الدفاع حيال العنف ضد المرأة. هدفنا هو رفع مستوى الوعي حول قضية العنف ضد المرأة بين الشباب، و دعم المدافعين الشباب ضد العنف الذي تواجهه المرأة.

قمت بتصميم تدريب توعوي بشكل مبتكر وتفاعلي لجعله أكثر جاذبية وإشراكاً للشباب، بدلاً من التدريب بأسلوب المحاضرات. تم تصميم جلسات التدريب لإشراك الرجال والنساء في النقاش حول وجود القضايا في مجتمعنا، ثم تعريفهم على أدوات الدعوة من أجل أن يدركوا أن الاعتراف بوجود هذه القضية ليس كافياً بحد ذاته؛ فنحن بحاجة لتبني واتخاذ الإجراءات. و حتى يتسنى لهم اتخاذ الإجراءات الصحيحة ، نقوم بتدريب الشباب على “التفكير التصميمي”. ومن خلال الخطوات الأربعة للتفكير التصميمي نساعدهم على تطوير المبادرات والأفكار لمناهضة العنف ضد المرأة. نصل أيضا إلى الشباب في الجامعات من خلال استضافة ما نسميه “قعدات” أو جلسات الدردشة . حيث نستضيف مبيعات الخبز و الموسيقى أو الفرق الموسيقية و من خلال هذه الدردشات نبدأ نقاشا داخل الجامعات عن العنف ضد المرأة.

بالإضافة إلى ذلك ، تعتبر آمنة مؤسسة اجتماعية ذاتية الاستدامة، و ندر دخلاً من كل نشاط نستضيفه لضمان استدامة عملنا. على سبيل المثال، نأخذ مبلغًا صغيرًا من المال كرسوم تسجيل في ورشة العمل. ففي الواقع يدفع الشباب للحصول على التدريب على التفكير التصميمي. و نأخذ الدخل الناتج عن ورشة العمل ونوجهه لتنظيم ورشة العمل التالية وما إلى ذلك.

أندريا: من هم أكبر المشجعين لك؟

منيرة ياسين: لولا دعم الشباب والشابات الذين كرسوا وقتهم وجهدهم لجعل هذا الأمر حقيقة، لما كانت آمنة. أتذكر أنني تلقيت عشرات الرسائل على الفيسبوك من أشخاص آمنوا بالقضية وتعاطفوا مع كل قصة قمت بمشاركتها. انه لمن المدهش رؤية كيف يمكن أن يحرّكنا من الداخل سردنا للقصص، ويحفزنا على قيادة التغيير. أود أيضا أن أذكر ان عائلتي كانت داعمة للغاية ، فقد رعوا ورشة العمل الأولى عندما بدأنا بلا بميزانية، أمي نادية ، أبي حسين ، خالاتي رشا و جميلة وجدتي حياة. لقد ساهموا جميعًا مالياً لمساعدتنا في تنظيم ورشة العمل الأولى.

أحد الجوانب المهمة التي تقود عملنا هو مجتمع آمنة. نؤمن بإنشاء مجتمع حول قضية العنف ضد المرأة، لأنها قضية مهمة تتطلب التضامن والوقوف والدعوة. و نعتقد أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يرون أن النساء لا يجب أن يواجهن العنف في مجتمعنا، ستقل فعلياً مواجهة النساء لمثل هذه المشكلة.

يمكنكم متابعة نشاطات أندريا المتعددة من خلال صفحتهم على تويتر.