menstrual hygiene2

الصحة الحيضية: ثقافة الصمت

الصحة الحيضية تعتبر قلقاً للنساء عالمياً. في السودان، نقص المعرفة و الوعي حول الحيض، خصوصاً في المناطق القروية و مناطق الصراع، إضافةً للقيود الاجتماعية، الثقافية والدينية، يصّعب على الفتيات الإهتمام المناسب بنظافتهن خلال دورتهن الشهرية. يمكن أن ينتج عن هذا الكثير من التحديات في المنزل، المدرسة، و مكان العمل. الصحة الحيضية مهمة لإزدهارو رخاء النساء و الفتيات، و مهم للنساء و الفتيات أن يستطعن إدارة دورتهن بأمان من غير الشعور بالخزي و العار، بل بكرامة و ثقة.

طبقاً لتقرير من منظمة اليونسكو الذي استطلع العديد من من الدول في جنوب صحراء افريقيا،  واحدة من كل عشر فتيات تغيب عن المدرسة خلال الحيض. هناك دراسة يوغندية وجدت أن تقريباً ثلثي فتيات المدارس في المناطق القروية يغبن عن المدرسة على الأقل مرة واحدة كل شهر بسبب الحيض. بالمثل، في إثيوبيا، أكثر من نصف فتيات المدرسة  المراهقات يبقين غائبات خلال فترة الحيض.

في السودان، الموقف متشابه إلى حدٍ ما. النساء و الفتيات من خلفيات اجتماعية و اقتصادية منخفضة، خصوصاً اللائي يعشن في المناطق القروية و مناطق الصراع، يعانين من ممارسات حيضية غير صحية. النقص في المنتجات الصحية إضافةً للوصول إلى أماكن نظيفة و آمنة لمعالجة دورتهن يقود الفتيات للتغيب عن المدرسة و للشعور بعدم الأمان و و الخجل. 

أتشارك منشفة صغيرة ممزقة مع ابنتي ذات الأحد عشر عاماً خلال فترة الحيض لأن شراء الفوط الصحية من المحلات غالٍ جداً و غير متوفر. معدات الصحة العائلية مهمة لنا. في الماضي، اعتدت أن أشعر بشعور سئ كل ما كنت في دورتي الشهرية، لم أشعر بالارتياح عند استعمال أغطيةٍ غير نظيفة، غير مريحة، غير فعالة، و يمكن أن تؤدي لمشاكل صحية جدية، بتوفير فوطٍ صحية مجانية قابلة للرمي، يمكنني إدارة صحتي بأمان، يمكنني الآن التحدث بإنفتاح عن الحيض و الفوط الصحية. أشعر أنني واثقة و قوية”

ليلى مصطفى، تعيش في مخيم في شرق دارفور و استلمت عدة نظافة عائلية من منظمة اليونسيف

 الممارسات الضعيفة لإدارة الصحة الحيضية يمكن أن تنسب لثلاثة عوامل رئيسية: نقص المعرفة، نقص الوصول، و نقص التقبل.

نقص المعرفة:

بالرغم من ندرة البيانات، مختلف الدراسات أشارت إلى أن أقل من 40% من الفتيات في سن المراهقة يكن غير مدركات للحيض حتى يواجهن دورتهن الأولى. هذا يقود الفتيات للشعور بالخجل و الخوف الشديدين من طلب النصيحة الطبية. نقص المعرفة حول الحيض يؤدي للفهم الخاطئ، المحرمات، و السلوكيات والمفاهيم المجتمعية السلبية. 

نقص إمكانية الوصول:

الكثير من النساء و الفتيات لا يستطعن تحمل تكاليف المنتجات الصحية، لذلك يلجأن لقطع القماش، الملابس، الورق، ملابس داخلية بطبقات، و طرق غير صحية أخرى لإدارة حيضهن. العديد من الدول، مثل كينيا و رواندا، أزالت الضرائب من منتجات الحيض. مقاطعات مثل زمبابوي قد استخدمت موارد مستدامة محلية لتصنيع المنتجات الصحية لأجل النساء.  

طبقاً لمنظمة اليونسيف، عالمياً، 2.3 مليار من الناس يعيشون بدون خدمات صرفٍ صحي أساسية. في الدول النامية، 27% فقط من الناس لديهم مرافق مناسبة لغسل اليدين في المنزل. عدم القدرة على استخدام هذه المرافق يصّعب على النساء و الفتيات حديثات السن إدارة دورتهن بطريقة آمنة و كريمة. 

نقص التقبل:

في إطارات ثقافية مختلفة، موضوع الحيض تمت إحاطته بالصمت. في حين أن أدب الأنثروبولوجيا يدعم أن مختلف الثقافات تاريخياً قد تبنت الحيض كممرٍ للرشد، الدم الحيضي ذات نفسه مع إدارته تم وصمه و تصوره من المحرمات. الحيض و الممارسات الحيضية في الغالب يتم تشويهها بالمحرمات و المعيقات الثقافية الإجتماعية مسببةً للفتيات المراهقات الغفلة عن الحقائق الطبية و الممارسات الصحية التي يمكن أن تؤدي إلى آثار صحية سلبية.

سألنا النساء و الفتيات عن ردة فعلهن عندما واجهن للمرة الأولى الدورة، الغالبية عبرن عن الحالة القلقة و الخائفة التي كن عليها. نقص المعرفة عن الصحة الحيضية و وصم الحيض أجبر الكثير من الفتيات أن يعانين بصمت. البعض لم يخبرن أمهاتهن حتى. الفتيات شاركن معنا كيف عانين من العدوى و التلوث و قلة الثقة:

لم أفهم ما الذي كنت أمر به. في البداية، ظننت أنني جرحت في مكان ما و كنت أبحث عن مصدر النزيف. لم أكن مرتاحةأن أسأل أمي أو أي أحد آخر كي يشتري لي فوطاً صحية، لذلك استعملت مواداً أخرى لإدارة دورتي، من دون معرفة الآثار السلبية لاستعمال منتجات غير صحية”

” كنت مصدومة و مرعوبة. ظننت أنني فعلت شيئاً سيئاً و أن جسدي يعاقبني. ركضت لأمي لكنها أسكتتني في  البداية لأنني كنت أتحدث أمام أخي. شعرت بالعار، الخجل، و بشعور سئ  إزاء نفسي.”

” بحثت عن طرقٍ مختلفة لتوفير المنتجات المستخدمة خلال دورة الحيض سرياً من دون مساعدة أحد. خلال تلك الدورة، كنت غير قادرةٍ على استخدام القطن الطبي بصورة صحيحة، ذلك سبب لي حالة من التوتر خلال فترة حيضي”

فقر الدورة:

فقر الدورة مشكلة عالمية تؤثر على النساء و الفتيات اللائي ليس لديهن إما وصول لمنتجاتٍ صحية نظيفة أو المعرفة عن الحيض غالباً بسبب مشاكلٍ مادية. فقر الدورة لا يشير إلى أولئك اللاتي ليس لديهن أي وصول للمنتجات الصحية، و لكن يشير ايضاً إلى النساء و الفتيات اللاتي لديهن وصول محدود للمنتجات الصحية و ذلك يؤدي لاستعمال مطول للمنتجات التي يمكن أن تسبب العدوى والالتهابات.

فقر الدورة يلعب دوراً كبيراً في الصحة الحيضية المنخفضة التي تؤدي إلى إلتهابات الأجهزة التناسلية و البولية. بالإضافة إلى أن فقر الدورة يوقف النساء من تحقيق قدراتهن الكاملة بسبب تفويت الفرص المهمة لنموهن. يجبر فقر الدورة الفتيات أيضاً على التغيب عدة أيامٍ من المدرسة و ذلك يؤثر على أدائهن المدرسي. 

تلبية الاحتياجات الصحية لكل الفتيات في سن المراهقة قضية أساسية لحقوق الإنسان، الكرامة، و الصحة العامة”

سانجاي ويجيسيكرا، الرئيس السابق للمياه، النظام  الصحي، و النظافة لمنظمة اليونسيف  

النظافة الحيضية في الأوضاع الإنسانية:

اعتباراً من عام 2017، أكثر من 26 مليون فتاة و امرأة  في الحيض تمت إزاحتهن نتيجة الصراع و الكوارث في حين أن أكثر من هذا العدد تأثروا من غير أن تتم إزاحتهن. الصحة الحيضية تقريباً دائماً يتم تجاهلها و لا تدار بفعالية في محيطات ما بعد الصراع. الصراعات و الكوارث يمكن أن تترك النساء و الفتيات من غير أي وصول لمرافق صحية نظيفة و منسابة، الخصوصية التي يحتجنها للشروع في أساليب معالجة الحيض، و الوصول لمنتجاتٍ وموادٍ صحية آمنة لإدارة الحيض. يمكن أن يكون السبب هو نقص الوفرة لهذه المنتجات أو نقص التمويل لشرائها. كنتيجة، النساء و الفتيات يُجبرن على استعمال أساليب مرتجلة لإدارة الدورة، بما فيها قطع ثياب ممزقة، خُرق قذرة، و أساليب غير صحية أخرى.

مثل هذه البدائل في أغلب الأحيان تكون غير فعالة، غير مريحة، و غير صحية. يمكن أن تؤدي إلى التهابات خطيرة و تعقيدات صحية أخرى و التي يمكن أن تسبب للنساء و الفتيات إحساساً بالإنعزال خلال الدورة. في ما بعد تداعيات زلزالٍ في نيبال، النساء و الفتيات تُرِكن من دون خيار غير أن يعتمدن على استعمال الموارد المحلية المتوفرة كممتصات خلال الحيض. منتجات و معدات النظافة الحيضية لم يتم طرحها ومعالجتها كاحتياج إنساني أساسي من قبل الوكالات الإنسانية. 

التعامل مع معالجة النظافة الحيضية خلال الأزمات يحتاج إلى نهجٍ و تدخلات متعددة الأوجه تتراوح من توفير مرافق صحية مناسبة و خصوصية، حماية، التثقيف في مجال الصحة الإنجابية لدعم المجتمع. 

تعقيدات صحية:

قامت النساء و الفتيات في فترة الحيض بتنمية نهجٍ للتعامل مع الدورة بناءً على معرفتهن، المصادر المتوفرة و الحالات الإقتصادية و الإجتماعية الثقافية. كنتيجةٍ لهذه المحددات، النساء غالباً يعالجن الحيض بممارسات و طرق غير صحية. مثل هذه الطرق يمكن أن تؤدي لتعقيدات صحية جدية. ممارساتٌ معينة من المرجح أن تزيد من مخاطر التهابات الجهاز التناسلي التي يمكن أن تزيد من قابلية التعرض لسرطان عنق الرحم. استعمال أقمشةٍ غير نظيفة، خصوصاً إذا تم إدخالها داخل المهبل، يمكن أن تُنشأ نمو بكتيريا غير محببة في عنق و تجويف الرحم و التي قد تؤدي للإلتهاب. الإستعمال المطول لنفس الفوطة سيزيد أيضاً من خطر الإلتهاب و تهيج البشرة الذي يمكن أن ينتج عنه التهاب الجلد. النضح ( دفع السائل داخل المهبل) يزعج اتزان الخميرة المهبلية و يجعل الإلتهاب مرجحاً أكثر. إضافةً إلى ذلك، التخلص غير الآمن من المواد الصحية المستعملة يمتلك خطورة معاداة الآخرين، خصوصاً مع أمراضٍ مثل التهاب الكبد (ب). قلة غسل اليدين بعد تغيير المواد الصحية يمكن أن تؤدي أيضاً لانتشار الإلتهابات و العدوى. 

لماذا لا يتم تناولها كثيراً:

بالرغم من ضرورتها، إدارة الصحة الحيضية لا تتلقى إهتماماً كافياً في الدول النامية. بما أن أولويات الصحة العالمية في الصحة الإنجابية و الجنسية هدفت لتقليل اعتلال الأمهات و معدل الوفيات و وباء فيروس نقص المناعة البشرية، كان التركيز الأساسي في الدول النامية موجهاً للفتيات في سن المراهقة بسبب قابليتهن المتزايدة للإصابة بالحمل غير المرغوب و التهاب فيروس نقص المناعة البشرية و التهابات جنسية منقولة أخرى.

الكثيرون في مجال التعليم تصوروا الحيض كأقل أهمية من نقص الموارد للكتب، الصفوف، و ضروريات أخرى، و اعتقدوا أن بدء و إدارة الحيض مسألة خصوصية، يتم التعامل معها داخل العائلة. العدد المنخفض النساء في مناصب اتخاذ-القرارات أعاق الجهود لمناصرة موضوع محرم كالحيض و أهمية إدارة الصحة الحيضية بفعالية و بقوة. 

ماذا يمكن أن ينفعل؟

الطمث يبقى واحداً من أكبر المحرمات. دراسة أُجريت من قبل التحالف الدولي لصحة المرأة وجدت أن هنالك ما يقارب 5000 عبارات ملطفة مستعملة للإشارة للحيض في عشرة بلدانٍ مختلفة مما يمكن أن يشير للسلوك العام الذي يتبع الكلمة. كسر مثل هذه المحرمات و تناول احتياجات النساء الحيضية علانيةً هو خطوةٌ أولى يمكن أن نأخذها لنعلّم و نحاول أن نقلص من فقر الدورة. توفير المبادرات الحالية في السودان للفوط و المنتجات الحيضية في المناطق الأكثر تأثراً بالفياضانات كجزء من الرد الإنساني يمكن أن يعتبر كخطوة ممتازة لمعالجة و تسليط الضوء على حالة الطوارئ الخفية التي تمر من خلالها النساء في فترة الحيض. 

  • العمل أكثر على رفع التوعية و المعرفة بين المجتمعات المحلية لإنهاء وصمة الطمث من خلال الدعوة علانيةً. 
  • الدعوة لتغيرات سياسية لجعل المنتجات الحيضية سهلة المنال من خلال مناصرة مدعومة بالدلائل لمتخذي القرارات. 
  • العمل على تنفيذ مرافق صحية مناسبة في المجتمعات المهمشة. 
  • التوعية بأهمية تضمين صحة و إدارة الدورة الشهرية في التعليم و البرامج الصحية لبناء معرفةٍ للفتيات و الصبيان، و العمل على إشراك الآباء و قائدي المجتمع. 
  • البحث الإضافي و جمع البيانات عن آثار الصحة الحيضية على صحة و حقوق النساء.

مصادر: 

https://www.wvi.org/publications?field_topics_target_id%5B761%5D=761

https://www.unicef.org/wash/files/UNICEF-Guide-menstrual-hygiene-materials-2019.pdf

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2784630/

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5482567/

https://www.worldbank.org/en/news/feature/2019/05/24/menstrual-hygiene-day-2019

https://www.globalcitizen.org/en/content/period-poverty-everything-you-need-to-know/

https://bmcpublichealth.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12889-018-6360-2

https://web.archive.org/web/20191030213257/https://www.actionaid.org.uk/about-us/what-we-do/womens-economic-empowerment/period-poverty

https://www.downtoearth.org.in/news/waste/amp/menstrual-hygiene-in-africa-no-pad-or-no-way-to-dispose-it-63788 https://www.globalcitizen.org/en/content/period-poverty-everything-you-need-to-know/

https://sswm.info/sites/default/files/reference_attachments/MOMA%20n.y.%20Menstrual%20hygiene%20management%20in%20Africa.pdf

illegal abortion 2 ig

الإجهاض غير القانوني: مأساة الحمل غير المرغوب

تعرف منظمة الصحة العالمية الاجهاض الغير آمن بأنه  إنهاء الحمل إما على يد أشخاص يفتقرون إلى المهارات اللازمة وإما في وسط لا يمتثل للمعايير الطبية الدنيا أو في كلتا الحالتين. ينهي الاجهاض الغير آمن 47000 حياة سنويا بحسب منظمة الصحة العالمية  وأكثر حدوثا في الدول النامية ذات القوانين المقيدة للإجهاض والوصول المحدود للمنشآت الصحية، إذ أن 3 من كل 4 حالات اجهاض غير آمن تحدث في افريقيا وامريكا اللاتينية.

الاجهاض غير القانوني والاجهاض غير الآمن، هل هما نفس الشيء؟

البيئة والوسط التي يحدث فيها الاجهاض وما اذا كان مؤدي العملية هو مهني مرخص يحدد مدى أمان عملية الاجهاض. بينما يشير الاجهاض غير القانوني الى الاجهاض الدي يمنعه القانون ويقيد الوصول اليه الا عند انطباق شروط محددة. تختلف هده القيود من دولة لأخرى حسب الاطر القانونية. ولكن هذه القيود تعرقل العديد من النساء وتدفعهم نحو التوجه للإجهاض غير الآمن لان حالاتهم لا توافق الحالات القانونية المعترف بها. تركيا وتونس هم الدول الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا التي شرعت الاجهاض في كل الحالات في الاشهر الثلاث الاولى من الحمل. معظم الدول في تلك المنطقة تملك قوانين مقيدة واجراءات عقابية للإجهاض الامن. سنقوم بالاطلاع على وضع السودان القانوني في هذه المقالة.

الاجهاض غير الآمن في السودان:

يمكن نسب الاجهاض غير الآمن، ومحدودية الوصول لخدمات الاجهاض الامنة الى عاملين: القيود القانونية والقيود الثقافية.

القيود الثقافية:

في السودان، تأخذ الادوار الجندرية او الجنسانية حيز كبير من الوعي الجمعي، لذلك يتم وصم النساء اللاتي يتحدين دورهن الانجابي ويقمن بعملية الاجهاض بأنهن جالبات للعار والخزي.

برغم شح البيانات في السودان، تشير الابحاث الموجودة الى نسبة عالية من الحمل غير المتعمد\مرغوب فيه في السودان مما يفسر لماذا تتوجه النساء والفتيات الى الاجهاض غير الآمن. يتفشى الحمل غير المتعمد\مرغوب فيه لعدة عوامل ترتبط بقلة الوعي حول طرق منع الحمل وتنظيم الاسرة، اضافة الى العوائق التنظيمية والهيكلية التي تحد من سهولة الوصول الى موانع الحمل. كما ان وصمة العار التي تتبع استخدام موانع الحمل بسبب ترسخ الادوار الجنسانية في المجتمع تخلق بيئة غير ودية لا تترك للنساء خيار غير تعريض انفسهم لطرق الاجهاض غير الآمنة.

الاجهاض هو اشارة واضحة لسوء السلوك. بالإضافة لذلك، فإن انجاب الاطفال، المجتمعات المسلمة، يعتبر من اكثر الاشياء نبلا، لذلك فمجرد الاحساس بعدم الرغبة في انجاب طفل يعتبر خطأ كبير. جزء من قيمة المرأة، بل اكثر الأجزاء اهمية هو ان تكون خصبة و ولودة وان تنجب اكبر عدد ممكن من الاطفال، والنساء الاتي يفكرن في خلق فترات بين كل ولادة واخرى يتم وضعها تحت التساؤل. يتم قياس انوثة المرأة بقدرتها على انجاب اطفال.

(مقابلة، 2017)

ثانيا، فكرة الحمل غير المتعمد او المرغوب فيه نفسها يتم ربطها غالبا بالزنا. الزنا هو اقامة علاقة جنسية خارج اطار الزواج، وهو من المحرمات في الاسلام ويوجب فيه حد 100 جلدة. وفي دولة كانت تحت حكم اسلامي لمدة 30 عام كالسودان، الحمل خارج اطر الزواج لا يعتبر فقط بأنه حمل فاحش بل ايضا بأنه حمل غير شرعي وغير قانوني. استعمال لفظ الحمل غير المتعمد والحمل غير الشرعي بطريق تبادلية كمترادفين يعتبر من العوامل الاساسي التي تدفع العديد من النساء والفتيات الى التوجه نحو الاجهاض غير الآمن. شيطنة المجتمع للنساء والفتيات اللاتي يتوجهن للإجهاض كونت معتقد بأن اي امرأة تلجأ للإجهاض، ارتكبت الزنا وانها تحاول ايجاد طرق لتفادي النبذ المجتمعي. هذه الصلة الواضحة بين الإجهاض والزنا قد خلقت صورة مشوهة وشنيعة للإجهاض متغاضية عن حالات اخرى كالحمل غير المرغوب فيه في اطار الزواج والحمل الناتج عن الاغتصاب.

القيود القانونية:

قوانين الاجهاض في السودان تحمي فقط النساء المعرضة حيواتهن للخطر بسبب الحمل، والنساء اللاتي كان حملهن نتيجة لاغتصاب.

من يتسبب عمدا في اجهاض امرأة غير مذنب في حالة (أ) الاجهاض ضروري لإنقاذ حياة الأم. (ب) الحمل نتيجة لاغتصاب حدث قبل فترة لا تزيد عن 90 يوما قبل ان تقرر المرأة الحامل اسقاط الجنين. (ج) تم إثبات وفاة الجنين داخل رحم الأم. قد تصل عقوبة الشخص المنفذ للإجهاض غير الشرعي الى السجن لمدة ثلاثة سنوات بالإضافة لغرامة مالية اذا كانت فترة الحمل أقل من 90 يوما. اما إذا كانت فترة الحمل اكثر من 90 يوما، فتصل العقوبة الى 5 سنوات من السجن وغرامة مالية. قد يحكم للشخص ايضا بدفع الدية.

السودان هي الدولة الاولى في الشرق الاوسط التي تشرع الاجهاض في حالة الاغتصاب، ولكن يظل هذا النص القانوني مقيد وغير متجاوب مع السياق الثقافي للاغتصاب والاعتداء الجنسي.

تعديلات قانون 1991 لتضمين الاغتصاب كانت ردا على الاهتمام المتزايد الذي تلقته دارفور بعد توثيق حالات العنف الجنسي. ولكن بعد أن اصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال الرئيس المخلوع عمر البشير قامت الحكومة بطرد العديد من المنظمات الانسانية التي كانت تقود حملات توثيق وتوزيع المساعدات الطبية المتعلقة بالإجهاض في مناطق النزاع مثل دارفور. على الرغم من ذلك كانت الدافع الاساسي للتعديلات القانونية هي دوافع جندرية كصون شرف المغتصبات والحفاظ على فرصهن المستقبلية في الزواج، وليس كطريقة للحفاظ على كرامتهن او حقوقهن.

تظهر هذه الدوافع الجندرية عندما ننظر الى كيف ان الناجيات من الاغتصاب لا يستطعن الوصول الى حقهن في الاجهاض نتيجة للتعريف القانوني الخاطئ للإجهاض. لكي تحصل الناجية على الحق للوصول الى خدمات الاجهاض يجب اولا ان تثبت انها تعرضت للاغتصاب، عملية اثبات الاغتصاب اثبتت مرارا انها غير مجدية، تميزية، وتجريمية. في المادة 149 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، يتم تعريف الاغتصاب بأنه زنا من غير رضا، الزنا مجرم في السودان. لإثبات ان العملية الجنسية تمت قسرا، يجب على الناجية ان تتحصل على استمارة رقم 8 (اورنيك 8) من قسم الشرطة وان يتم توثيقها من قبل الشرطة ايضا. تعتبر الاصابات الجسدية والكدمات الموثقة في “أورينك 8” انها الدليل الوحيد لاثبات الاغتصاب في المحاكم السودانية، وان لم يتم توثيق مثل تلك الاصابات في الاورنيك، قد تتعرض الناجية الى تجريمها والحكم عليها بالزنا. 

وجود تلك القيود المشددة لإثبات حدوث الاغتصاب تثني العديد من الناجيات من الاغتصاب عن الوصول لحقهن القانوني، واللاتي يستطعن اثبات حدوث الاغتصاب يتعرضن لمحاكمات طويلة قد تجتاز الفترة المحددة قانونيا للإجهاض وهي 90 يوما.

البيانات المتوفرة:

باعتبار القيود الثقافية والقانونية المذكورة آنفا فإن شح البيانات المتعلقة بالإجهاض في السودان لا يعتبر مفاجأة. ولكن وفقا لمنظمة “النساء ينجبن” هنا ما يقدر سنويا ب25,1 مليون عملية اجهاض غير آمن تحدث على مستوى العالم، وما يقارب 6,9 مليون امرأة من الدول النامية يتم معالجتها من مضاعفات الاجهاض غير الآمن, مضاعفات الاجهاض غير الآمن تكلف على الاقل 22,800 حالة وفاة سنويا.

تظهر دراسة تم اجرائها في الخرطوم ان 96,7% من النساء اللاتي يسعين للحصول على خدمات طبية للإجهاض فقط لمعالجة مضاعفات ما بعد الاجهاض او عند حدوث اجهاض غير مكتمل. هذا يبرز كيف ان الحواجز البيروقراطية تتسبب في جعل الاجهاض غير الآمن الخيار الانسب للفتيات والنساء. 

الوضع الديموغرافي، هل يمكننا تحديد مجموعات معينة؟

لا يقوم معظم المحتوى المتوفر بربط الاجهاض غير الآمن بمجموعات عمرية معينة، اعراق او طبقات اجتماعية، ولكنه يحدد اختلافات في طريقة حدوث الاجهاض باختلاف هويات الاشخاص.

يمكن وصف الاجهاض غير الآمن بأنه قضية طبقية. العديد من النساء من الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة يستطعن الوصول الى عيادات خاصة، او الى اطباء مستعدون للمساعدة في انهاء الحمل، او شراء العقارات الطبية او حبوب الاجهاض غير المتوفرة في السودان كالميزوبروستول عن كريق السوق الاسود او الانترنت. بينما تنعدم الخيارات بالنسبة للنساء من الطبقة الاجتماعية والاقتصادية الدنيا ولا يكون امامهن سوى الاتجاه للطرق التقليدية الخطرة كشرب الاعشاب وتناول السموم والمخدرات وإدخال الاجسام كالعصي الحديدة والخشبية داخل الرحم مما يؤدي لمضاعفات خطيرة قد تؤدي للوفاة.

“قد أرى في اليوم الواحد 16 حالة فشلت في الاجهاض. ادخل يدي واخرج العديد من الاجسام كالحقن واوراق الشجر، واجسام غير معقمة يتم ادخالها من قبل القابلات (الدايات) لحث الاجهاض”

نبيل، طبيب سوداني في مقابلة

عدم توفر خدمات ورعاية صحية انجابية هو اكثر وضوحا في مناطق النزاع التي لا تعاني فقط من نظام صحي متهالك، بل من انتشار العنف الجنسي والاغتصاب. استخدام الاغتصاب كسلاح حرب في دارفور كان من العامل الاساسي الذي دفع حكومة السودان في 1991 الى تشريع الاجهاض في حالة الاغتصاب.

في سلسلة مقابلات تمت بواسطة باحثي “هيومن رايتز واتش” في المناطق تحت حكم الحركة الشعبية لتحرير السودان للاستطلاع عن توفر الخدمات الانجابية في تلك المناطق، تحدث الباحثون الى شهود وضحايا الاعتداءات الجنسية، سلطات الحكم المحلية من الحركة الشعبية، وعمال المساعدات الانسانية.

https://lh3.googleusercontent.com/Ywct2t9dVUrlbnnLMaQ4R_2Y2PojjwDcy4VSy7RTf3eZ-tkOrq0gR99n3CVoaf42n1JGxYEFD1laiwrhCeVkvE9VKPsKljOX6iqmDIecnnyGNupZLfnwj9DTYC_ofMu-WBi2jg1d
في  الصورة أعلاه مكما حامد، عاملة صحية متطوعة تحمل عبوة حمض الفوليك، المساعدة الوحيدة التي تستطيع تقديمها للنساء الحوامل اللاتي يزرن العيادة الصحية الوحيدة في قرية حضارة في جنوب كردفان

معظم النساء اللاتي اجريت مقابلات معهن كن غير مدركات لموانع الحمل. أعلمت احدى العاملات الصحيات الباحثين ان موانع الحمل غير متوفرة اساسا على الرغم من ازدياد حالات الاصابة بالسيلان، والزهري، والتهاب الكبد من النوع ب. وأن النساء غير قادرات على حماية انفسن من الامراض المنقولة جنسيا، وغير قادرات على التحكم بخصوبتهن.

د. عبدالهادي ابراهيم اخصائي النساء والتوليد السوداني، واجه عقوبة سجن مدتها 6 سنوات وسلبه رخصته الطبية بعد ان تم القبض عليه بسبب اجراءه عمليات اجهاض آمن لنساء وفتيات. وضح د. عبدالهادي انه قام بما يقدر ب10,000 عملية اجهاض خلال 7 سنوات، 90% منهن كن طالبات جامعيات و10% كن زوجات لمهاجرين وحالات مختلفة اخرى. قال انه يؤمن بأنه قام بحفظ 10,000 عائلة سودانية من عدم الاستقرار الذي يسببه الحمل غير المرغوب فيه. “انا انقذت 10 الف اسرة سودانية مما يمكن أن يترتب عليه الحمل خارج اطار الزوجية من طلاق وعنف، وهذه الاسر ليس من (كوكب المريخ)” قائلا د. عبدالهادي ابراهيم

النزوح ايضا يلعب دور كبير. تقديرات حالية تشير الى ان النساء اللاتي نزحن بسبب نزاعات اكثر عرضة للعنف الجنسي الذي قد يتبب في حمل غير متعمد وبالتالي التوجه الى الاجهاض غير الآمن.

السعي لطلب اجهاض آمن في السودان، العقبات البيروقراطية 

بالإضافة للصدمة النفسية التي تمر بها النساء والفتيات نتيجة الوصمة الاجتماعية والعواقب القانونية، العقبات البيروقراطية تساهم في جعل الوضع اكثر ارهاقا. نسبة لخارطة طريق تقليل معدل وفيات الامهات والاطفال حديثي الولادة في السودان، مقدمي الرعاية الصحية من المستوى المتوسط مرخص لهم ان يستعملوا ميزوبروستول (حبوب اجهاض)، ولكن الواقع يناقض ذلك. الخوف من ان يستعمل مقدمي الرعاية الصحية الدواء لاجراء عمليات اجهاض غير شرعية ادى لتطبيق اجراءات صارمة مصممة لمنع “الاستعمال الخاطئ” للدواء.

“خارطة الطريق غير مطبقة. صناع القرار يظنون ان القابلات (الدايات) سيستخدمن الدواء لمساعدة الفتيات غير المتزوجات على الاجهاض مما سيساعد على نشر الدعارة. هم يهتمون بالمبادئ الأخلاقية اكثر من ارواح النساء.”

ناشطة حقوق النساء (مقابلة، 2019)

تحدثت مقالة مبنية على مقابلة عن تجريم الاجهاض والقت النظر على مراقبة اقسام الولادة من قبل الشرطة، وابرزت نسبة الامن العالية في مداخل المؤسسات خصوصا المستشفيات الحكومية. اي امرأة بدون مرافق هي تحت شبهة الاجهاض غير القانوني.

“هل انت متزوجة؟ أين هو زوجك؟ لو دخلت لقسم الولادة لوحدك انت مشتبهة.”

(مقابلة، 2018)

في وضع مثالي، النساء التي يمتلكن “اورنيك 8” هن فقط من يستطعن الوصول الى خدمات اجهاض آمنة. ولكن قبولها في مشفى يعتمد على قرار الطبيب الاخلاقي. بعضهم يمتثل بالالتزام بأخلاقهم المهنية والاحتفاظ بخصوصية المريض ويتغاضى عن “اورنيك 8” ويعامل الحالة كإجهاض غير متعمد. ويقوم البعض الآخر بتبليغ الشرطة. تقوم تلك الافعال بتوضيح سوء استخدام السلطة الموجودة في المؤسسات الصحية خصوصا عندما يتم تشريعها بواسطة القوات الامنية. المؤسسات الصحية والقوات الامنية تعامل النساء اللاتي يطلبن الاجهاض الآمن بهمجية وعنف بأشكال عدة لفظيا وجسديا.

“افراد الامن يعاملن النساء بطريقة سيئة كأنهم هم القضاة، حتى قبل ان تتمكن النساء من عرض قضاياهم للنظام القانوني! في احد المرات تم تكبيل يدي امرأة حامل بتوأم طول الوقت ثم ارسالها للسجن مباشرة تحت اشتباه الحمل غير القانوني.”

(مقابلة، 2018)

السعي لطلب الاجهاض غير الرسمي، من يمكن ان تستعين به النساء؟

توفر طرق آمنة للإجهاض في نطاق غير رسمي يحمل طابع طبقي. ولكن حتى الشبكات المكون من مقدمي الخدمات الطبية والاخصائيين الاجتماعيين التي تسعى لتقديم حبوب الاجهاض لديها نطاق وصول محدود. الاجراءات التي يتخذوها لضمان سلامتهم تعني ان النساء والفتيات التي يمكن ان يتسعن بمثل تلك الشبكات هن فقط اللاتي يعلمن بوجودهم. مما لا يترك للعديد من الفتيات والنساء خيار غير اللجوء للقابلات (الدايات) اللاتي يقمن بالعملية في ظروف غير آمنة مما يسبب لاحقا في المضاعفات التي تعقب عملية الاجهاض. المشكلة مع القابلات لا تقف فقط عند مضاعفات ما بعد العملية وانما سوء المعاملة مع النساء الفتيات.

“اعرف فتاة تم ختنها من قبل قابلة (داية) بعد ان قامت بعملية الاجهاض واخبرتها انها هذا لكي تتوقف عن ممارسة الجنس مرة اخرى. من الواضح جدا ان القابلات يمكن ان يعاقبنك او يستغللن موقفك.”.

امرأة سودانية اجرت عملية اجهاض بشكل غير رسمي

ماذا يمكن ان نفعل؟

على ضوء الفترة الانتقالية الحالية في السوان، هناك بصيص امل للنساء والفتيات فيما يتعلق بالتشريعات واحوال المرأة. لقد شهدنا مؤخرا تعديلات قانونية ايجابية عن طريق وزارة العدل فيما يخص تجريم ختان الاناث ووساطة المرأة على تنقل طفلها. ولكن بدون شك فان مفهوم الاجهاض موصوم مجتمعيا لذلك اتجاه هذا الحديث يظل غير معروف.

غياب التشريعات لا يعني ان الاجهاض غير الآمن لا يحدث. وبناء على ما يخبرنا السياق فهناك عدة نقاط يجب اخذها تحت الحسبان:

  • العمل زيادة تقبل فكرة الاجهاض الآمن بين المجتمعات المحلية، وصانعي السياسات، ومقدمي الرعاية الصحية.
  • جمع ونشر المزيد من الاحصائيات.
  • البحث عن بيانات حول عواقب الاجهاض غير الآمن على صحة النساء وحقوقهن.
  • زيادة وعي ومعرفة الافراد فيما يخص تنظيم الاسرة واستخدام موانع الحمل عن طريق توفير توعية انجابية شاملة مما قد يقلل نسبة الحمل غير المعتمد/مرغوب فيه بنسبة كبيرة.
  • توفير موانع الحمل.

المصادر:

https://www.alrakoba.net/290941/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%AF%D9%89-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AC%D9%86-%D9%85/

https://www.ipsnews.net/2020/06/sudan-where-illegal-abortions-remain-dangerous-and-deadly/

https://www.jstor.org/stable/pdf/40647448.pdf?casa_token=WoQx97QeDQEAAAAA:e0QGTDiBht8b1ACGW39ohTJwcixYJygIZWFDOC8O99qwH3ePBfscxI0eGunneduqpZ49bUjeOaq8YngUsYH7ScAthtCssHUy2pc-XEr6Z25PDD7EtA

https://www.womenonwaves.org/en/page/5025/abortion-law-sudan

https://www.researchgate.net/publication/40449620_Unsafe_abortion_and_abortion_care_in_Khartoum_Sudan/link/5c2e69d6458515a4c70a6182/download

https://www.gfmer.ch/srr/Sudan.htm

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6927389/

https://aphrc.org/abortionresearch/index.php/component/k2/item/896-unsafe-abortion-and-abortion-care-in-khartoum-sudan

https://www.endabortionstigma.org/making-inroads/2019/October/young-people-fight-societal-norms-in-sudan-where-even-believing-in-abortion-rights-has-been-stigmatized

https://abortion-policies.srhr.org/country/sudan/

https://www.researchonline.lshtm.ac.uk/2901287/1/PALMER%202016%20-%20FP%20%26%20abortion%20politics%20SSudan%20-%20Soc%20Sci%20Med.pdf

http://lawsofsudan.net/index.php/2012-07-08-06-31-03/article-category-blog/sudanlaws-raai-aam/304-2012-07-13-05-56-06

https://www.ipsnews.net/2020/06/sudan-where-illegal-abortions-remain-dangerous-and-deadly/

https://www.cmi.no/publications/5507-womens-right-to-abortion-after-rape-in-sudan

https://www.womenonwaves.org/en/page/5025/abortion-law-sudan

https://www.safeabortionwomensright.org/no-control-no-choice-lack-of-access-to-reproductive-healthcare-in-rebel-held-southern-kordofan-sudan/

https://ulir.ul.ie/handle/10344/5627

https://www.africabib.org/s/htp.php?RID=W00074468

http://www.neelain.edu.sd/mmacpanel/includes/magazines/pdf/1_12_9.pdf

sharon-mccutcheon-dW6FP74AhIU-unsplash-Recovered

مع استمرار فرض إجراءات الحجر الصحي حول مدن العالم، ضحايا العنف المنزلي يبحثون عن طريقة للخروج

هذه المقالة ترجمة للنص الاصلي

As Cities Around the World Go on Lockdown, Victims of Domestic Violence Look for a Way Out

Mélissa Godin, TIME

“زوجي لا يسمح لي بمغادرة المنزل”

تخبر ضحية عنف منزلي موظف الخط القومي الساخن لبلاغات العنف المنزلي ، “لديه أعراض تشبه الانفلونزا ويتحجج بأنه لا يرغب ان يجعلني اخرج وانشر العدوى لآخرين او ان انقل شيئا ككوفيد-19 ولكن اعتقد ان هذه فقط محاولة لعزلي”. معنِّفها هدد برميها للشارع لو بدأت بالسعال. وهي خائفة ان بمجرد مغادرتها المنزل، زوجها سيطردها خارج المنزل.

قام الحجر المنزلي المفروض بحبس ضحايا العنف المنزلي مع معنفيهم، وعزلهم من الأشخاص والمصادر التي قد تساعدهم.

في الولايات المتحدة، التي سجلت 5218 حالة اصابة بفيروس كورونا، يخبر الخط القومي الساخن لبلاغات العنف المنزلي ان هناك عدد متزايد من المتصلين يبلغوا أن معنفيهم يستغلوا كوفيد-19 كطريقة لعزلهم اكثر من عائلتهم واصدقائهم. تخبر كاتي راي جونز، المدير العام للخط القومي الساخن القومي لبلاغات العنف المنزلي: “المعنفين يهددون الضحايا برميهم في الشارع ليلتقطوا المرض. بعضهم يقوم بحجز المصادر المالية والدعم الطبي.”

ملايين الأشخاص تم وضعهم تحت الحجر المنزلي حول العالم. تقول أنيتا بهاتيا، نائبة المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة: “نفس الطريقة التي نستخدمها لحماية الناس من فيروس كورونا يمكنها أن تؤثر بشكل سلبي على ضحايا العنف المنزلي.” أضافت: “بينما ندعم اتباع إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي، ولكننا نعترف انها توفر طريقة للمعنف ان يرتكب المزيد من الانتهاكات.”

واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تعرضت للعنف الجسدي او الجنسي في حياتها بحسب منظمة الصحة العالمية، مما يجعله أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا ولكن اقله ابلاغا. بينما يختبر الرجال العنف المنزلي، تمثل النساء غالبية الضحايا، مع الافراد الذي ينتمون لمجتمع الميم/المثليين. خلال فترات الأزمات – كالكوارث الطبيعية، الحروب، والاوبئة- مخاطر العنف المبني على الجندر تتصاعد. في الصين عدد حالات العنف المنزلي المبلغ عنها في تضاعفت ثلاث مرات في فبراير مقارنة بالعام الماضي وفقا لأكسيوس. يعلق الناشطون بأن هذا نتيجة للحجر الصحي الإجباري.

تقول راي جونز “نحن نعلم أن العنف المنزلي متجذر في الرغبة في القوة والسيطرة. نشعر جميعنا نشعر الآن بفقدان السيطرة على حياتنا والأفراد الذين لن يستطيعوا تقبل الوضع سينفثون عنه  على ضحاياهم.” تقول إنه رغم عدم نشوء حالات عنف منزلي خلال أزمة فيروس كورونا الا ان الاشخاص الموجودين في أوضاع مؤذية سيجدون أنفسهم يمرون بمزيد من العنف دون القدرة على الهرب بالذهاب الى العمل أو مقابلة الأصدقاء.

الازمة الحالية ستصعب ايضا على الضحايا أن يطلبوا المساعدة.  بينما تتدافع المرافق الطبية للاستجابة لانتشار فيروس كورونا. يتم زيادة الضغط على النظام الصحي مما يجعل الوصول للرعاية الصحية او النفسية أكثر صعوبة للضحايا.

ولبعض النساء، يمثل الخوف من التقاط عدوى فيروس كورونا سببا كافيا لمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة بعد مواجهتهم عنف جسدي. ناشطة في الخط القومي الساخن لبلاغات العنف المنزلي كتبت في سجل المنظمة: “تحدثت في مكالمة مع انثى في كاليفورنيا تحجر نفسها ذاتيا لتحمي نفسها من كوفيد-19 لمعاناتها مع الربو. قام شريكها بخنقها الليلة. عندما تحدثت معها بدت أنها تعاني من إصابات جدية، لكنها انها خائفة من التقاط كوفيد-19 عند الذهاب لغرفة الطوارئ.”

الكثير من الضحايا يشعرون أنهم لا يمكنهم اللجوء الى بيوت اهاليهم خوفا من تعريض كبار السن من اهلهم للفيروس. تحد القيود المفروضة البعض على السفر من قدرتهم على البقاء مع احبائهم. ملاجئ النساء قد تكون ايضا مزدحمة في هذه الاوقات، وقد يغلقون ابوابهم اذا اعتبر خطر الاصابة مرتفعا جدا.

ازمة فيروس كورونا المتوقع ان تدفع الاقتصاد العالمي نحو الركود، قد تجعل مغادرة العلاقات المسيئة أكثر صعوبة. راي جونز تقول ان مغادرة العلاقات المسيئة يتضمن توفير المال سرا، الذي سيكون اكثر صعوبة إذا ما خسرت الضحية عملها.

العديد من الخدمات الاجتماعية التي توفر للضحايا قد تعاني قطوعات في الميزانية نسبة للركود. تقول راي جونز: “نحن نتوقع من الجهود الخيرية أن تتأثر حقا. سيكون من الصعب جمع التبرعات.”

يناشد الناشطون المهتمون بالعنف المنزلي الضحايا الذين ليسوا في حالة حجر صحي بعد ان يطلبوا المساعدة فورا. بينما تطور المنظمات المهتمة بالعنف المنزلي كالخط القومي الساخن لبلاغات العنف المنزلي استراتيجيات لمساعدة الضحايا أثناء الحجر الصحي. تشير راي جونز ان الاتصال الرقمي مع الضحايا مهم جدا خلال هذه الأوقات ولكن سيكون من الصعب على الضحايا الاتصال بوجود معنفهم في البيت معهم. يوفر الخط الساخن خدمات عبر الدردشة على الانترنت أو الرسائل مما يسهل الحصول على مساعدة اثناء البقاء في المنزل.

تدعو بهاتيا من هيئة الأمم المتحدة للمرأة الحكومات لتوفر إجازات مرضية مدفوعة الاجر وخدمات رعاية غير مدفوعة لتمكين النساء من مواجهة العنف المنزلي والاحتفاظ باستقلالهم المادي بعيدا عن معنفهم. اضافت ان من اجل ان تكون استجابة الصحة العامة مراعية للجندر يجب أن تكون على النساء قدرة اتخاذ قرارات.

حتى بوجود النساء على الطاولة، الحجر الصحي الإجباري المشرع  يمثل تحديات لم يسبق ان يواجهها نشطاء العنف المنزلي. كما تقول راي جونز “نحن في مناطق مجهولة من ناحية ما سيختبره الناجون.”




وحدة مكافحة العنف ضد المرأة

0930008054

0930008057

0930008058

0930008059

0930008061

bantersnaps-ZfK2x91gJOg-unsplash

ازمة جديدة تتبع كوفيد-19: العنف المنزلي يتصاعد في انحاء العالم

هذه المقالة ترجمة للنص الاصلي
A new Covid-19 Crisis: Domestic Abuse Rises Worldwide

Amanda Taub, The NY Times

القيود المفروضة على الحركة والتنقل لوقف انتشار فايروس كورونا يجعل العنف في البيوت أكثر تواترا، واكثر حدة، واكثر خطورة.

تشير البيانات المتصاعدة ان العنف المنزلي ينتشر كعدوى انتهازية مما يضيف حصيلة اخرى من الازمات، بجانب ازمة الصحة العامة، التي يخلقها فايروس كورونا. تقول مارين هيستر، عالمة الاجتماع من جامعة بريستول: “هناك كل سبب يدفعنا لاعتقاد ان القيود المفروضة لمنع انتشار الفايروس سيكون لها هذا التأثير. العنف المنزلي يتصاعد كلما تقضي العائلات وقتا أطول معا، مثل أعياد الميلاد وعطلة الصيف.” والآن مع وجود العائلات في الحجر المنزلي تتزاحم الخطوط الساخنة ببلاغات اعتداء مما يجعل الحكومات تخوض في عدة محاولات لمعالجة الازمة، التي يقول الخبراء انها كان يجب عليها رؤيتها قادمة.

دعت الأمم المتحدة للقيام بإجراءات عاجلة لمكافحة العنف المنزلي المتصاعد في ارجاء العالم. ولكن الحكومات فشلت بشكل كبير للاستعداد للفرص التي ستخلقها تدابير الصحة العامة للمعنفين لإرهاب ضحاياهم

الحجر الصحي و “الإرهاب الحميم”

بعد إغلاق المدن حول الصين، وجدت ليلي، التي تبلغ السادسة والعشرين من العمر، نفسها في جدالات متزايدة مع زوجها التي تمضي معه كل ساعات اليوم في منزلهم بمقاطعة انهوى في شرق الصين. في الأول من مارس واثنا حملها ابنتها البالغة احد عشر شهرا بين ذراعيها انهال عليها زوجها ضربا بكرسي. ليلي ليست متأكدة من عدد المرات التي ضربها ولكن تقول ان في النهاية تخدرت رجلها بالكامل وسقطت أرضا وهي لا زالت تحمل طفلتها. من الصور التي أخذتها ليلي بعد الحادثة تظهر احداهن الكرسي وقد تحطم لأجزاء كدليل على العنف الذي استعمله زوجها. صورة اخرى توثق اصاباتها وقد تغطى كل شبر من رجلها بالكدمات ويظهر ورم دموي كبير على رجلها اليسرى. تقول ليلي أن زوجها كان يعنفها طيلة علاقتهما التي استمرت ست سنوات ولكن منذ اندلاع فايروس كورونا اصبح الوضع اكثر سوءا.

مع دخول الحجر الصحي حيز التنفيذ حول العالم، غدا “الارهاب الحميم” –مصطلح يفضله العديد من الخبراء بدلاً عن العنف المنزلي- اكثر انتشارا وتكرارا.

في الصين، شهدت منظمة غير حكومية مكرسة لمكافحة العنف ضد المرأة مقرها في بكين زيادة في مكالمات خطوط المساعدة منذ بداية فبراير عمدما فرضت الدولة اجراءات الاغلاق الشامل وقيدت الحركة داخل المدن في مقاطعة هوبي.

في اسبانيا، تلقى خط الطوارئ المخصص لحالات العنف المنزلي زيادة قدرها 18% من المكالمات في اول اسبوعين من الحجر المنزلي مقارنة بنفس الفترة قبل شهر من بداية الحجر. تقول آنا بيلا، التي أقامت مؤسسة لمساعدة الناجيات من العنف المنزلي: “نتلقى مكالمات فاجعة ومؤلمة مما يظهر لنا بوضوح مدى سوء المعاملة النفسية والجسدية التي يمكن ان تحدث عندما يوضع الناس اربع وعشرون ساعة في اليوم في مساحة محدودة مع شخص عنيف.”

كما ذكرت الشرطة الفرنسية ارتفاعا بنسبة 30% في حالات العنف المنزلي على الصعيد الوطني. اخبر كريستوفر كاستانر، وزير الداخلية الفرنسي، في مقابلة على التلفزيون الفرنسي القومي: “المخاطر تزداد مع الحبس.” وأنه قد أمر الضباط ان يكونوا على اطلاع بالانتهاكات. 

لا مهرب

في اسبانيا  وبالتعاون مع الروابط والجمعيات الخاصة بالمرأة تواصلت مجلة نيويورك تايمز مع النساء العالقات في الحجر الصحي مع شركاء عنيفين. احداهن، تدعى آن، تشارك شقة مع شريكها الذي يصر على مراقبتها طوال الوقت، اذا حاولت حبس نفسها في غرقة يقوم بركل الباب حتى تفتحه. تقول انها لا تستطيع الحصول على اي خصوصية حتى في الحمام. 

تقول جوديث لويس هيرمان، خبيرة متخصصة في الصدمات من كلية الطب بجامعة هارفرد، في مقال صفحي نشرته في 1992 ان الطرق القهرية التي يستخدمها المعنفين للسيطرة على شركائهم وأطفالهم تشابه بشكل غريب وقوي الطرق التي يستخدمها الخاطفون للسيطرة على الرهائن والتي تستخدمها الانظمة القمعية لكسر ارادة المعتقلين السياسيين.

بالإضافة للعنف الجسدي الذي قد لا يكون اساسي في كل العلاقات المسيئة، هناك طرق اخرى للتعنيف كالعزل من العائلة والاصدقاء والعمل، المراقبة الدائمة، وضع قوانين صارمة ومفصلة للسلوك وفرض قيود تحد من الوصول للضروريات كالغذاء والملابس  والمرافق والمساعدات الصحية.

انهيار لموارد الهشة

بعد ان ضربها زوجها بالكرسي عرجت ليلي الى الغرفة الثانية لتتصل بالشرطة التي حضرت ووثقت الحادثة دون ان تتخذ اجراءات تابعة. قامت ليلي بعدها بالاتصال بمحامي لترفع قضية طلاق لتكتشف ان الوباء قام بقطع طريق الهروب وان قضيتها تم تأجيلها حتى ابريل. لا زالت ليلي تنتظر قرار المحكمة وهي تحت سقف واحد مع معنفها وطفلتها لاستحالة البحث عن سقف جديد يأويها في ظل تفشي العدوى.

انه نمط واحد يتكرر حول العالم. المؤسسات المعنية بحماية المرأة من العنف المنزلي يعانون من ضغط هائل. تقول فينق ياون احد مؤسسي مجموعة المساواة الصينية ان احد  عملائها ابلغت خط الطوارئ عن حالة اعتداء ليقولوا انهم مضغوطون جدا الان ولن يستطيعوا مساعدتها حتى تنتهي الازمة.

وفي اوروبا يبدو ان الدول كلها تتبع نفس النمط القاتم: تفرض الحكومات اجراءات الإغلاق الشامل دون مراعاة او توفير دعم لضحايا العنف المنزلي، ثم بعد حوالي عشر ايام تشهد تفجر وتصاعد في عدد بلاغات العنف المنزلي وحينها فقط تندفع الحكومات للبحث عن حلول.

كان ايطاليا هي الاولى، بدأت اجراءات الاغلاق الشامل في بداية مارس وبعدها بفترة قصيرة تصاعدت حالات العنف المنزلي ولم يكن هناك مكان للنساء للجوء، فقد اغلقت الملاجئ والبيوت المخصصة للنساء ابوابها لان خطر العدوى كان كبير جدا. حينها أمرت الحكومة السلطات المحلية بتخصيص غرف فنادق كملاجئ مؤقتة للنساء.

اسبانيا اعلنت عن بداية اجراءات الإغلاق في الرابع عشر من مارس، وفرنسا اعلنت بعدها بثلاث ايام. وبعدها بأسبوعين وبسبب ارتفاع بلاغات الاعتداء المنزلي قام الحكومات باتخاذ اجراءات مشابهة بتخصيص غرف الفنادق لضحايا العنف المنزلي بجانب اجراءات طوارئ اخرى.

في النهاية سينتهي الحجر المنزلي، ولكن مع استمرار الحبس حاليا من المرجح ان يزداد الخطر على الضحايا. تقول بعض الدراسات ان احتمالية قتل المعنفين لشركائهم تزيد في منتصف الازمات الشخصية كفقدان وظيفة او المرور بضائقة مالية. ومع استمرار فايروس كورونا في تدمير الاقتصاد من المتوقع ان تصبح هذه الازمات اكثر انتشارا.




وحدة مكافحة العنف ضد المرأة

0930008054

0930008057

0930008058

0930008059

0930008061